للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتأولوا في هذا الحديث معنى غير المعنى الذي تأوله أهل المقالة الأولى فقالوا: إنما ذلك في الشرك خاصة، لأن القوم كانوا حديث عهد بالكفر، في دار كانت دار كفر، فكان المشركون إذا قدروا عليهم استكرهوهم على الإقرار بالكفر، فيقرون بذلك بألسنتهم كما قد فعلوا ذلك بعمار بن ياسر ، وبغيره من أصحاب النبي ، ورضي عنهم، فنزلت فيهم ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: ١٠٦] وربما سهوا فتكلموا بما جرت عليه عاداتهم قبل الإسلام، وربما أخطئوا فتكلموا بذلك أيضا، فتجاوز الله ﷿ لهم عن ذلك، لأنهم غير مختارين، ولا قاصدين إليه. وقد ذهب أبو يوسف إلى هذا التفسير أيضا، حدثناه الكيساني، عن أبيه عنه.

فالحديث يحتمل هذا المعنى، ويحتمل ما قاله أهل المقالة الأولى، فلما احتمل ذلك احتجنا إلى كشف معانيه ليدلنا على أحد التأويلين، فنصرف معنى هذا الحديث إليه.

فنظرنا في ذلك، فوجدنا الخطأ هو ما أراد الرجل غيره ففعله، لا عن قصد منه إليه، ولا إرادة منه إياه، وكان السهو ما قصد إليه بفعله على القصد منه إليه على أنه ساه عن المعنى الذي يمنعه من ذلك الفعل، فكان الرجل إذا نسي أن تكون هذه المرأة له زوجة فقصد إليها فطلقها، فكل قد أجمع على أن طلاقه عامل، ولم يبطلوا ذلك لسهوه، ولم يدخل ذلك السهو في السهو المعفو عنه، فإذا كان السهو المعفو عنه ليس فيه ما ذكرنا


= جبير، وقتادة، وشريحا في رواية، والنخعي، والزهري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا ، كما في النخب ١٥/ ٢٣٦ - ٢٣٧.