وكان من حجة أبي حنيفة، ومحمد رحمهما الله في ذلك أنه قد سقط عنه بالإحصار جميع مناسك الحج من الطواف والسعي بين الصفا والمروة، وذلك مما يحل المحرم به من إحرامه.
ألا ترى أنه إذا طاف بالبيت يوم النحر حل له أن يحلق فيحل له بذلك الطيب، واللباس، والنساء.
قالوا: فلما كان ذلك مما يفعله حتى يحل، فسقط ذلك عنه كله بالإحصار، سقط أيضا عنه سائر ما يحل به المحرم بسبب الإحصار، هذه حجة لأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.
وكان من حجة الآخرين عليهما في ذلك أن تلك الأشياء من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، قد صَدّ عنه المحرم، وحيل بينه وبينه، فسقط عنه أن يفعله. والحلق لم يحل بينه وبينه وهو قادر على أن يفعله.
فما كان يصل إلى أن يفعله فحكمه فيه في حال الإحصار كحكمه فيه، في غير حال الإحصار.
وما لا يستطيع أن يفعله في حال الإحصار فهو الذي يسقط عنه بالإحصار، فهو النظر عندنا.
وإذا كان حكمه في وقت الحلق عليه وهو محصر كحكمه في وجوبه عليه، وهو غير محصر، كان تركه إياه أيضا وهو محصر كتركه إياه وهو غير محصر.