وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا قد رأينا الأصل في ذلك أن هذا الرجل قبل دخوله في الصلاة قد كان عليه أن يأتي بأربع ركعات فلما شك في أن يكون قد جاء ببعضها وجب النظر في ذلك، ليعلم كيف حكمه.
فرأيناه لو شك في أن يكون قد صلى لكان عليه أن يصلي حتى يعلم يقينا أنه قد صلى، ولا يعمل في ذلك بالتحري. فكان النظر على هذا أن يكون كذلك هو في كل شيء من صلاته كان ذلك عليه فرضا، وعليه أن يأتي به حتى يعلم يقينا أنه قد جاء به.
فإن قال قائل: إن الفرض عليه غير واجب حتى يعلم يقينا أنه واجب.
قيل له: ليس هكذا وجدنا العبادات كلها، لأنا قد تعبدنا أنه إذا أغمي علينا في يوم ثلاثين من شعبان، فاحتمل أن يكون من رمضان، فيجب علينا صومه، واحتمل أن يكون من شعبان، فلا يكون علينا صومه، حتى نعلم يقينا أنه من شهر رمضان فنصومه.
وكذلك رأينا آخر شهر رمضان إذا أغمي علينا في يوم الثلاثين، فاحتمل أن يكون من شهر رمضان، فيكون علينا صومه.
واحتمل أن يكون من شوال فلا يكون علينا صومه أمرنا بأن نصومه حتى نعلم يقينا أنه ليس علينا صومه. فكان من دخل في شيء بيقين لم يخرج منه إلا بيقين.
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك من دخل في صلاته بيقين، أنها عليه لم يحل له الخروج منها إلا بيقين أنه قد حل له الخروج منها.
= وأخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٣٨٤ (٤٤٠٩) من طريق ابن علية، عن أيوب به.