للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحَنفيُّ، بدمشقَ، ودُفِنَ في اليوم المَذكورِ بتُربةٍ لهُ بسَفْح قاسِيُون، بالقُربِ من تُربةِ ابنِ سُوَيْدٍ، وبَلغَ ثلاثًا وثمانينَ سنةً.

وكانَ شيخَ المَذهَب، عالِمًا، عارِفًا، مُتبَحِّرَا فيه. ودَرَّسَ بدمشقَ وأفْتى، وقَرَأ عليه جماعةٌ كثيرٌ، ثم استوطَنَ الدِّيارَ المِصْريّةَ ودَرَّسَ بالصّالحيّة، وتَولَّى الحُكمَ هناكَ مُدّةَ سِنينَ (١). ثم انتَقلَ إلى الشّام قبلَ وَفاتِه بيَسير، وفارَقَ الدِّيارَ المِصْريّةَ. واتَّفقَ وفاةُ القاضي مَجْدِ الدِّينِ ابنِ العَدِيم، فقُلِّدَ القَضاءَ بالشّام عِوَضَهُ، فلم يَسْتكمِلْ فيه ثلاثةَ أشهُرٍ وأدْرَكتْهُ المَنِيّةُ، ولهُ شِعْرٌ (٢)، وكانَ عندَهُ فَضائلُ غيرَ الفِقْه، وأمّا في الفِقْهِ فلم يَخْلُفْ مثلَهُ.

ذَكَرَهُ الدِّمياطيُّ في "مُعجمِه" (٣).


(١) قال الحافظ الذهبي: "وكان الملك الظاهر يحبه، ويبالغ في احترامه، وقد أذن له أن يحكم حيث حل، وكان لا يكاد يفارقه في غزواته، وحج معه". وتكرر ذكره في تاريخ الملك الظاهر ٩٥، ١٣٤، ٢١١، ٢١٨، ٢٣٥، ٢٧٤. وفي الروض الزاهر ٣٥٥: "هذا وقاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي مرافقه طوال الطريق، يستفتيه، ويتفهم منه أمر دينه، ويتحرى في أمر دينه أتم تحرٍّ".
(٢) ومن شعره ما أورده القطب اليونيني في ذيل المرآة: قال: "وكان الملك المعظم ابن الملك العادل رحمه الله قد زوَّج مملوكه بجاريته، وكلاهما جميل الصورة، فعمل الشيخ صدر الدين يقول:
يا صاحِبيَّ قِفالي فانظرا عَجَبَا … أتى به الدَّهر فينا من عَجائِبِهِ
البَدْرُ أصبَحَ فوقَ الشَّمسِ مَنزِلُهُ … وما العُلُوُّ عليها مِن مَراتِبِهِ
أضْحَى يُماثِلُها حُسْنًا وصارَ لها … كُفْوًا وسارَ إليها في مواكِبِهِ
فأشْكَلَ الفَرْقُ لولا وَشْيُ يَمْنَتِهِ … بصِدْغِهِ واخْضِرارٍ فوقَ شارِبِهِ
(٣) ذكره في معجمه ولم يرو عنه، فلعله لم يعتن بالرواية، مع أن القطب اليونيني قال: "سمع وحدث وصنف".

<<  <  ج: ص:  >  >>