للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المَحْروسة، ويكون الأمير عزّ الدِّين أيبك الجَمَاليّ مُتولِّي القَلْعة، فدخلَها وباشرَ النيابةَ.

• - وفي أوائل رَمَضان قويت أخبار التَّتار بدمشقَ ودخلَ أهل الحَوَاضر والقُرى إلى البَلَد، وجَفَلَ جمعٌ كبيرٌ من دمشقَ إلى القاهرةِ والحُصُون، وأحاطَ التَّتارُ بالرَّحْبة مُستهلّ رَمَضان، وأقاموا عليها ثلاثة وعِشْرين يومًا قاتلوا فيها قتالًا شديدًا خمسة أيام أو نَحْوَها، وباقي الأيام كانت أيامَ حَصْرٍ من غير قتال، والنائب بها الأميرُ بَدْرُ الدِّين موسى الأزْكَشي فقاتَلُهم هو ومن عنده ثم توسَّط رشيد الدَّولة مشير دولة ملك التَّتار في القَضِية، وأشارَ على أهل القَلْعة بأن ينزل منهم جماعةٌ إلى بين يدي الملك خَرْبَنْدا، ويُهْدُون إليه هديّة، ويَطْلبون منه العَفْو والصَّفْح، فأجابوا إلى ذلك، ونَزَلَ قاضي البَلَد نَجْم الدِّين إسحاق، ومعه جماعةٌ، فطلبوا ذلك وأهدوا خمسة من الخَيْل وعشرة أباليج من السُّكّر، فقبلَ ذلك ورَحَل عنهم وتأخَّرت العَساكر من حَلَب، وأجفل أهلُ حَلَب ونواحيها، وخَربت البَلَدُ، ثم تراجعَ جَيْش حَلَب وعادوا إليها لما تحقَّقوا أنه ليس من ناحيتهم أحدٌ من التَّتار. وتأخَّرت العَساكرُ المِصْرية، وكَثُر الخَوْف بدمشق، وخَرجَ النّاسُ مُسْرعين وغَلَت المحائرُ والأكريةُ. وحَصلَ أيضًا بحِمْص جَفْلٌ كثيرٌ وتَشَعَّت البلدُ.

وأمّا بَعْلَبَك فإنَّ النّاسَ جَفَلُوا إليها من دمشق، ورغبوا في التَّحَصُّنِ فيها لحصانة قَلْعتها وشهامة أهلِها، وقَنَتَ الخَطيبُ بدمشقَ في الصَّلوات الخَمْس يوم الجُمُعة ثالث عَشَر رَمَضان، وتبِعه الأئمّةُ، واجتهدَ النّاسُ في الدُّعاء في القُنوت وعَقِيب الصَّلوات وفي التَّراويح بصَرْف العدوّ عنهم وعن أهل الرَّحْبة المُحاصرين.

فلمّا وصلت الأخبار في آخر يوم من شَهْر رَمَضان برجوع التَّتار إلى بلادِهم ونزوحِهم على الرَّحْبة وعن البلاد الشّامية تركَ الأئمّة القُنوت لزوال النازلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>