للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فغَضِبَ لذلك بعض الفُقهاء الحاضِرين وقالوا: نحنُ المَقْصودونَ بهذا، ورَفَعُوا الأمرَ إلى قاضي القُضاة الشّافعيُّ، فطلَبَهُ ورَسَم بحَبْسه، فبلغَ ذلك الشَّيخ تَقِيّ الدِّين فتألَّمَ له، وأخرَجَهُ من الحَبْس بنفسِه، وخَرَجَ إلى القَصْر فاجتمعَ هو وقاضي القُضاة هناك، وردَّ الشَّيخ تَقِيّ الدِّين عن المِزّيّ، وأثنَى عليه، وغَضِبَ قاضي القُضاة، وأعادَ المِزّيّ إلى حَبْسه بالقُوصيّة، فبقيَ أيامًا.

وذكرَ الشَّيخ تَقِيُّ الدِّين ما وقعَ في غَيْبة الأمير في حَقِّ بعض أصحابه من الأذَى، فرَسَم الأمير فنُودي في البَلَد أنَّهُ من تكلَّم في العقائد حَلّ مالُه ودمُه، ونُهِبَت داره وحانوته، وقصد الأمير تَسْكين النّاس بذلك (١).

٢٩٥٦ - وفي ليلة الجُمُعة الثُّلُث الأخير من الليل ثاني عَشَر رَجَب تُوفِّي القاضي الفقيهُ الإمامُ العالمُ مَجْد الدِّين أبو الغَنائم سالمُ (٢) بنُ أبي الهَيْجاء بن حُمَيْد بن صالح بن حَمّاد الأذرِعيّ الشّافعيّ، قاضي نابُلُس، بالقاهرة، وصُلّي عليه يوم الجُمُعة بالجامع الحاكميّ، ودُفِنَ بمقبَرة باب النَّصْر.

وكانَ فقيهًا فاضلًا، قاضيًا بأعمال دمشق من مدة أربعين سنة.

رَوَى لنا عن الحافظ ضياء الدِّين المقدسيّ.

وعُزِلَ في آخر عُمُره عن قَضاء نابُلُس فتَوجَّه إلى الدِّيار المِصْرية فأدركه أجَله هُناك بعد وصوله بأيام.

وكانَ كثيرَ التِّلاوة للكتاب العزيز، ويَحْفظ كثيرًا من الأشعار والأدب، وعندهُ سُكون وعَقْل وافر، وله حُرْمة. وكانَ حَسَن الهيئة، قويّ النَّفْس، خَبِيرًا بمباشرة الحُكْم.


(١) الخبر في: نهاية الأرب ٣٢/ ١١١ - ١١٢، وأعيان العصر ٥/ ٦٥٥، والبداية والنهاية ١٦/ ٤٤، والدرر الكامنة ١/ ١٧٠، والدارس ١/ ٧٣.
(٢) ترجمته في: معجم شيوخ الذهبي ١/ ٢٦٢، وأعيان العصر ٢/ ٣٩٦، والسلوك ٢/ ٤٠٣ وجاء فيه جميل بدلًا من حميد، وعقد الجمان (وفيات سنة ٧٠٥ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>