وكانَ عَبْدًا صالحًا، مُقْعَدًا في بيته يَتْلُو كل يوم خَتْمةً كاملةً، ولا يزال المُصْحف الكريم بين يديه، فلما حَضرَ التَّتار إلى الجَبَل أُخرجَ ووُضع في الجامع فعذَّبوه عذابًا شديدًا حتى ماتَ رحمه الله، وبقي أيامًا، ثم دُفِنَ بعد ذلك.
سَمِعَ من ابن الزَّبِيدي، وابن اللَّتِّي، وابن صَبّاح، ومُكْرَم بن أبي الصَّقْر، وابن الشِّيرازيّ، والإرْبليّ، والهَمْدانيّ، والحافظ أبي موسى عبد الله بن عبد الغَنِي، وابن المُقَيَّر، وابن غسّان، وكَرِيمة، وغيرهم.
وأقامَ ببَعْلَبَك مُدّة يخدم الفقيه اليُونينيّ، ثم سافرَ إلى بَغْدادَ، وسَمِعَ بها من الكاشْغَريّ، وابن قُمَيْرة، ودخلَ إلى واسط وجَرَّد بها القُرآن وأتقنَ حِفْظه، وانحدرَ إلى البَصْرة، ثم عادَ إلى وطنه، وكانَ قيِّم الجامع المُظَفَّري.
وآخر ما قرأتُ عليه الرابع من "حديث ابن البَخْتَريّ"، بسماعه من الكاشْغَريّ، وإجازته من ابن عماد، والدّاهريِّ، وابن راجح، وابن باز المَوْصليِّ، وغيرِهم.
٢٢٩٤ - وتُوفِّي الشَّيخُ الصّالحُ الحاجَ أبو حَفْص عُمرُ (١) ابنُ الشَّيخُ زَيْن الدِّين أحمد بن عبد الدّائم بن نِعْمة المقدسيُّ.
عذَّبه التَّتار بالصّالحية عَذابًا شديدًا، ثم حُمِلَ إلى داخل البَلَد فأقامَ أيامًا يسيرةً وهو مريض من شِدّة ما أصابَهُ، ثم ماتَ في دَرْب القِلَى، ودُفِنَ داخل البَلَد بالكُشك.
وكانَ رجُلًا مُباركًا.
مولدُه سنة خمسٍ وعِشْرين وست مئة تقريبًا.
(١) ترجمته في: تاريخ الإسلام ١٥/ ٩٢٢، ومعجم شيوخ الذهبي ٢/ ٧٠، وبرنامج الوادي آشي، ص ١٥٣، وأعيان العصر ٣/ ٥٩٢، وذيل التقييد ٢/ ٢٣٢.