للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يوم الإثنين، عاشر الشهر، مات أبو بكر أمين الدين أبي اليمن ابن القاضي فخر الدين أبي بكر بن ظهيرة، وصلي عليه بعد الظهر عند الحجر الأسود على عادتهم، ودفن بالتربة المستجدة لهم بالمعلاة.

وفي هذا اليوم، توجه القاضيان المذكوران أيضا، وأخو صالح إلى الأمير أزبك أيضا، ومعهم ورقة زعم ثانيهما أنه وجدها ببابه أو بدهليزه، وفيها الحط عليه بسبب ابن الزمن، وأنك إن لم تسكت عنه وإلا ذكرنا أكلك البرطيل (١)، وما يكفي أنك أخربت مصر، وجئت تخرب مكة أيضا، وأن الأمير أزبك ما ينفعك، وما تخاف أنت والحنفي يقتلكما عبد من عبيد الشريف، وأنتما والشيخ حاتم الذي هو شيطان في صورة إنسان متعصبين، وما تروح إلا في رؤوسكما وهذا بمعناه، فتأثر الأمير الكبير لكونه ذكر وتغيظ، ثم إنهما أظهرا له التشكي والتنكي، ونقل الحنفي عن الشافعي، أن الشيخ يحي الغزي قال له عنه: أن الشريف متغيظ منه، وأشار إلى فوق انفه، فقال لهم الأمير: قوموا عني ولا بقيتم تجيئوني، لا أنتم ولا غيركم، فسمع الشافعي بما نقل عنه فأحضر الشيخ يحي، فحلف بالطلاق ثلاثا أن هذا ما كان، وكتب عليه ورقة بذلك بالشهود، ثم بعد يومين توجه القاضي الشافعي إلى الأمير فقرأه القاضي ورقة الشهود، وأراه الأمير الورقة المفتعلة، وإذا هي بخط صالح الحنفي، لكن بغير قلمه ويعرف خطه، فقال:

مقصودي أعرف الذي كتبها، وأرسل للمالكي فحضر فأخذ الورقة القاضي الشافعي، وأراها للناس مع خط له أيضا، فتحقق الناس ذلك فأمر بكتابة محضر بسبب ذلك، فكتب فيه جماعة بأنه خط صالح، منهم الخطيب محي الدين وقريبه


(١) البرطيل: الرشوة المقدمة لأصحاب النفوذ لقاء عمل دون مراعاة لقاعدة أو قانون. مصطفى عبد الكريم الخطيب: معجم المصطلحات والالقاب التاريخية ص ٧١.