للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ (١).

وقد اشتد البلاء بأهل بلد الله الحرام وجيران بيته المطهر من الأثام من هذه الطائفة اللثام المتجرئين على انتهاك حرمات المشاعر العظام وقتلهم الأنفس بجوار الملك العلام، وقد رأيتهم بالمسجد الحرام يجولون بخيلهم ورجلهم بالسلاح التام فكانت ساعة مهولة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون وابتهل المسلمون خصوصا [اللايذون] (٢) ببيته بالدعاء فأجاب الله دعوتهم بإعانتهم بالجيوش المنصورة ومقدمها الذي أسعده الله وجعل حركاته وسكناته مكسورة فقاتلوا وجاهدوا في الله حق جهاده حتى نصرهم الله وهزم عدوهم، فكانت إعانة الحق ولله الحمد على يدهم مع أن الناس في وجل عظيم من عدوهم فيسألون صدقات مولانا السلطان الأعظم مالك رقاب الأمم من قدمه الله على سائر المماليك من خدمة الحرمين الشريفين فأعظم بما هنالك ويتشفعون إليه بالنبي في إعانتهم وقهر عدوهم واستيصال شاقتهم، فإن هذا الأمر قد طال ويخشى من تماديهم وعودتهم زيادة قوتهم فلا يجدون من يردهم في الحال ولا المآل، وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل حال.

[أهل شهر رمضان ليلة الأربعاء سنة ٩١٠ هـ.]

في ليلة الأربعاء المذكور بكى على محمد بن عطية. وفي يومها وصل عصرا الكمال أبو الفضائل بن أحمد بن أبي البقا بن الضياء من جدة، وأخبر بولاية قاضي القضاة النوري علي بن أبي الليث بن أبي حامد بن الضياء بوظيفته عمن كان بها، وأن


(١) سورة المائدة: آية ٣٣.
(٢) وردت الكلمة في الأصل "اللابذون" والتعديل من (ب) لسياق المعنى.