للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهل شوال ليلة الاثنين سنة سبع عشرة وتسعمائة]

في يوم السبت سادس الشهر نقض جدار الحجر الشريف بمراسيم السلطان نصره الله تعالى لكونه ظهر فيه الخلل لأنه بنى بالرماد والمدر والنورة ولم يعد رخامه من خارج، فأرسل السلطان رخاما ومرخمين وصلوا لمكة بحرا آخرهم في رمضان وشرعوا في يومهم في إعادته بالآجر والرماد ثم نقض ذلك ثاني يوم وأعيد الحجارة والجبس والرصاص، وسر المسلمون به، والمباشر لذلك الأمير الباش خير بك المعمار بهمة عالية ولم يفارقهم في العمل إلا قليلا، وإنما فعل ذلك لرؤيا بعض المجاورين من المصريين في اليوم بعض الصالحين وهو يقول له قل للأمير ألا يجعل أجورا في البناء وحلف له على ذلك بالطلاق وكتاب الله فسمع، وكان الخواجا ابن عباد الله الرومي سأل مولانا السلطان أن تكون النفقة من عنده فأرسل لجماعته يصرفوا الأجرة [ويحسبوها] (١) فامتنع الأمير إلا أن تكون النفقة على يده فلم يعطوه فاصرف هو من مال السلطان نصره الله (٢)، وسمعنا أنه عقد المجلس بحضرة القضاة وبحضرة السلطان في شأن الحجر فاتفقوا على هدمه وإعادته إذا كان يخشى عليه من الفساد، وكان ذلك صوابا فعمر في مكة ما كان من رخام أبيض، وما كان من رخام أسود في أعمدتها خمسة


= كانت غالية، والسبب في ذلك يعود إلى عدم وصول الجلاب من البلاد التي كانت تمون مكة، وأصابتها بحالة من القحط والجفاف مما أدى إلى انقطاع وصول المواد الغذائية إلى مكة، ففي هذا العام (٩١٧ هـ) ارتفع سعر القمح في مصر والسبب في ذلك هو أن النيل كان في العام الماضي (٩١٦ هـ) قليلا، بالإضافة إلى أمر الفأر الذي تسلط على الأجران، وصار يقرض القمح والشعير وهو في سنبله. انظر: ابن إياس: بدائع الزهور ٤/ ٢١٧.
(١) وردت الكلمة في الأصول "ويحبسوها" وما أثبتناه هو الصواب لسياق المعنى.
(٢) يبدو أن كلا من السلطان والباش كان يحاول التقرب إلى الله بدفع رواتب العمال من ماله الخاص.