للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهمية مثل هذه الوثائق التي أعتمد عليها العز ابن فهد، من بساطتها ودرجة الصراحة والصدق الذي تحمله. كون مرسلها لا يطمع في أن تكون رسالته وثيقة هامة يعتمد عليها في التدليل على أمر ما فيما بعد (١)، وتضمنت مثل هذه الأوراق الشخصية (المراسلات) التي كانت تصل إليه على الكثير من الأخبار الهامة التي دون مضمونها العز ابن فهد، ماعدا بعضها التي لم يكن بها ما يستحق التدوين ولم يذكر لها مضمون، بل أشار إلى عدم الاستفادة منها.

وكان مما اشتملت عليه تلك الأوراق (المراسلات الشخصية) أخبار السلطان وديوانه وعن أحوال رجال الدولة وكبارها والعلماء والمتوفين منهم ومن غيرهم، وأخبار لبعض المدن الإسلامية وأخبار عامة الناس وما هم فيه من غلاء ورخص والفتن الداخلية، فجاءت مثرية لكتابة منوعة لمصادره.

[٣ - المشاهدة (معاصرة الحدث)]

لقد كانت المشاهدة (معاصرة الحدث) هي عماد المصادر الرئيسة التي اعتمد عليها العز ابن فهد في تأليفه الكتاب (إلى جانب السماع) بحكم رفعة منزلته ووجاهته واستطاع تدوين الكثير من تفاصيل الأحداث المكية العامة والهامة وخصوصا (السياسية) وما يتعلق بالشريف وقضاة القضاة وغيرهم من رجالات الدولة والوفيات والمواليد والمناسبات الاجتماعية والملاحظات وغيرها من أخبار التجار والتجارة، وأسعار صرف العملات وأسعار المواد الغذائية وبعض المواد الأخرى لقربه من الحدث والأمثلة على ذلك كثيرة جدا (٢). ولكن تتجلى قدرة العز ابن فهد في دقة وصفه


(١) الشيخ: المدخل إلى علم التاريخ، ص ٢٥.
(٢) ومن هذه الكلمات الدالة على قربه وبعده عن الحدث، (رأيت، بحضرتي قرأ، قرى، سمعت، أخبرت، بلغنا، ظنا، تحققنا، الذي عرفناه والله أعلم، ولا أعلم).