وَصَلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَرْجُمُهَا، وَتُصَلِّي عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ» . كَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، وَهِشَامٌ، عَنْ أَبَانَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
[مَسْأَلَةٌ إذَا حَضَرَتْ جِنَازَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ]
(١٦٧٤) مَسْأَلَةٌ؛ (قَالَ: وَإِذَا حَضَرَتْ جِنَازَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ، جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ، وَالصَّبِيُّ خَلْفَهُمَا) لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الرِّجَالِ غَيْرُهُمْ، أَنَّهُ يُجْعَلُ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، فَنَقَلَ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا، أَنَّ الْمَرْأَةَ تُقَدَّمُ مِمَّا يَلِي الرَّجُل، ثُمَّ يُجْعَلُ الصَّبِيُّ خَلْفَهُمَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ شَخْصٌ مُكَلَّفٌ، فَهِيَ أَحْوَجُ إلَى الشَّفَاعَةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ وَابْنِهَا، فَجُعِلَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، فَأَنْكَرْت ذَلِكَ، وَفِي الْقَوْمِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ.
وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالصِّبْيَانَ أَمَامَهُمْ، وَالنِّسَاءَ يَلِينَ الْقِبْلَةَ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِنَّ فِي الصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَكَذَلِكَ يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِنَّ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْجَنَائِزِ، كَالرِّجَالِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ، فَالصَّحِيحُ فِيهِ أَنَّهُ جَعَلَهَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَجَعَلَ ابْنَهَا مِمَّا يَلِيهِ. كَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَعَمَّارٌ مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَفْظُهُ قَالَ: شَهِدْت جِنَازَةَ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ، فَقُدِّمَ الصَّبِيُّ مِمَّا يَلِي الْقَوْمَ، وَوُضِعَتْ الْمَرْأَةُ وَرَاءَهُ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، فَقُلْنَا لَهُمْ، فَقَالُوا: السُّنَّةُ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَلَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ عُمَرَ هُوَ ابْنُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ، الَّذِي صُلِّيَ عَلَيْهِ مَعَهَا، وَكَانَ رَجُلًا لَهُ أَوْلَادٌ. كَذَلِكَ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ.
وَلَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّ زَيْدًا ضُرِبَ فِي حَرْبٍ كَانَتْ بَيْنَ عَدِيٍّ فِي خِلَافَةِ بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ فَصُرِعَ وَحُمِلَ، وَمَاتَ، وَالْتَفَّتْ صَارِخَتَانِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا رَجُلًا. (١٦٧٥) فَصْلٌ: وَلَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الْخُنْثَى عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا، وَأَدْنَى أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَهَا، وَلَا فِي تَقْدِيمِ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِشَرَفِهِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فِي الْإِمَامَةِ، وَلَا فِي تَقْدِيمِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ كَذَلِكَ.
وَقَدْ رَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَحُرٍّ وَعَبْدٍ، وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، يُجْعَلُ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالْمَرْأَةُ أَمَامَ ذَلِكَ، وَالْكَبِيرُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالصَّغِيرُ أَمَامَ ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute