كِيسِي. وَلَا شَيْءَ فِيهِ، أَوْ بِدَارِي. وَلَا دَارَ لَهُ، فَإِنْ اشْتَرَى قَبْلَ مَوْتِهِ عَبِيدًا، احْتَمَلَ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَاطِلَةً، فَلَمْ تَصِحَّ. كَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِمَا فِي كِيسِي. وَلَا شَيْءَ فِيهِ، ثُمَّ جَعَلَ فِي كِيسِهِ شَيْئًا. وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقْتَضِي عَبْدًا مِنْ الْمَوْجُودِينَ لَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ، كَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِأَلْفٍ لَا يَمْلِكُهُ، ثُمَّ مَلَكَهُ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ عَبِيدِهِ، ثُمَّ مَلَكَ عَبِيدًا آخَرِينَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ، فِي رَجُلٍ قَالَ فِي مَرَضِهِ: اُعْطُوا فُلَانًا مِنْ كِيسِي مِائَةَ دِرْهَمٍ. فَلَمْ يُوجَدْ فِي كِيسِهِ شَيْءٌ. يُعْطَى مِائَةَ دِرْهَمٍ. فَلَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إعْطَاءَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَظَنَّهَا فِي الْكِيسِ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْكِيسِ، أُعْطِيَ مِنْ غَيْرِهِ. فَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَبْدٌ، وَيُعْطَى إيَّاهُ.
[فَصْلٌ وَصَّى الرَّجُلُ بِعَبْدِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَيُشْتَرَى لَهُ عَبْدٌ]
(٤٧٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى الرَّجُلُ بِعَبْدٍ، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، وَيُشْتَرَى لَهُ عَبْدٌ أَيُّ عَبْدٍ كَانَ. وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ، أَعْطَاهُ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا، وَلَا قُرْعَةَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الرَّقِيقَ إلَى نَفْسِهِ، وَلَا جَعَلَهُ وَاحِدًا مِنْ عَدَدٍ مَحْصُورٍ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُوصَى لَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ مَنْ يُسَمَّى عَبْدًا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ مَا شَاءُوا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا ذَكَرًا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] . وَالْمَعْطُوفُ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا. وَلِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْعَبْدِ إلَّا الذَّكَرُ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرَاءُ أَمَةٍ، فَلَا تَنْصَرِفُ وَصِيَّتُهُ إلَّا إلَى الذَّكَرِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِأَمَةٍ أَوْ جَارِيَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أُنْثَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ خُنْثَى مُشْكِلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَوْنَهُ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ رَقِيقِهِ، أَوْ بِرَأْسٍ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، دَخَلَ فِي وَصِيَّتِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى.
[فَصْلٌ وَصَّى لَهُ بِشَاةِ مِنْ غَنَمِهِ]
(٤٧٩٢) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ، فَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، وَيَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: يَتَنَاوَلُ الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ، وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الشَّاةَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ.» يُرِيدُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَالصِّغَارَ وَالْكِبَارَ. وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا أُنْثَى كَبِيرَةً، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ عُرْفُهُمْ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ لَا يَتَنَاوَلُ عُرْفُهُمْ إلَّا الْإِنَاثَ، فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِهِمْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ إرَادَةُ مَا يَتَعَارَفُونَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute