[فَصْلٌ وَرِثَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ]
(٤٢٠٧) فَصْلٌ: وَإِنْ وَرِثَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا، فِي بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ أَوْ بَقَائِهَا، إلَّا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَبَقَائِهَا، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مِنْ أَبِيهِ دَارًا، ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ، وَخَلَفَ ابْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنَّ الدَّارَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي لِأَخِيهِ الْإِجَارَةُ بَاقِيَةٌ فِيهِ، وَالنِّصْفَ الَّذِي وَرِثَهُ يَسْتَحِقُّهُ، إمَّا بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَإِمَّا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، وَمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ
وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ قَدْ قَبَضَ الْأَجْرَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَخِيهِ وَلَا تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَيَكُونُ مَا خَلَّفَهُ أَبُوهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِشَيْءٍ أَفْضَى إلَى أَنْ يَكُونَ قَدْ وَرِثَ النِّصْفَ بِمَنْفَعَتِهِ، وَوَرِثَ أَخُوهُ نِصْفًا مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ. وَلِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِنِصْفِ أَجْرِ النِّصْفِ الَّذِي انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ، لَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ أَخُوهُ بِنِصْفِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ فِيهَا إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ بَيْنَ الْمَنْفَعَةِ وَأَخْذِ عِوَضِهَا مِنْ غَيْرِهِ.
[فَصْل اشْتَرَى الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً فَرَدَّهَا]
(٤٢٠٨) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ، ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً، فَرَدَّهَا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِالْبَيْعِ. فَهِيَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ رَدِّ الْعَيْنِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ. وَإِنْ قُلْنَا: قَدْ انْفَسَخَتْ. فَالْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ انْفَسَخَتْ بِتَلَفِ الْعَيْنِ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا، فَرْد الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ لِعَيْبٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَعُودَ الْمَنْفَعَةُ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عِوَضَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِذَا سَقَطَ الْعِوَضُ، عَادَ إلَيْهِ الْمُعَوَّضُ
وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْعَيْنَ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، مَا لَمْ يَمْلِكْهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ لِلرَّقَبَةِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِقَّتْ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، فَإِذَا زَالَتْ عَادَتْ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْقِيَاسُ؛ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ قَدْ اسْتَقَرَّ عِوَضُهَا لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا، وَلَا يَنْقَسِمُ الْعِوَضُ عَلَى الْمُدَّةِ، وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ
أَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، بِخِلَافِ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ؛ فَإِنَّ الْمُؤَجِّرَ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ مَقْسُومًا عَلَى مُدَّتِهَا، فَإِذَا كَانَ لَهُ عِوَضُ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، فَزَالَ بِالْفَسْخِ، رَجَعَ إلَيْهِ مُعَوَّضُهَا، وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ. وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُمْلَكَ بِغَيْرِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ أَوْ النِّكَاحِ، فَلَوْ رَجَعَتْ إلَى الْبَائِعِ، لَمُلِكَتْ بِغَيْرِهِمَا. وَلِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ نَقْلُهَا إلَى غَيْرِهِ، وَلَا الْمُعَاوَضَةُ عَنْهَا، وَمَنْفَعَةُ الْبَدَنِ بِخِلَافِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute