وَإِنْ كَانَا تَوْأَمَيْنِ، ثَبَتَ نَسَبُهُمَا، وَلَمْ يَلْتَفِت إلَى إنْكَارِ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ تَجَاحَدَا مَعًا، أَوْ جَحَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّنَا نَعْلَمُ كَذِبَهُمَا، فَإِنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ. وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِنَسَبِ أَحَدِهِمَا، ثَبَتَ نَسَبُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ فِي النَّسَبِ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ صَغِيرَيْنِ، دَفْعَةً وَاحِدَةً، ثَبَتَ نَسَبُهُمَا، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ نَسَبُ الْكَبِيرَيْنِ الْمُتَجَاحِدَيْنِ. وَهَلْ يَثْبُتُ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ؟ يَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ كُلُّ الْوَرَثَةِ حِينَ الْإِقْرَارِ، وَلَمْ يَجْحَدْهُ أَحَدٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ انْفَرَدَ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَثْبُتَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَارِثٌ، وَلَمْ يُقِرَّ بِصَاحِبِهِ، فَلَمْ يَجْتَمِعْ كُلُّ الْوَرَثَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، وَيَدْفَعُ الْمُقِرُّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ الْمِيرَاثِ، سَوَاءٌ قُلْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ أَوْ لَمْ نَقُلْ؛ لِأَنَّهُ مُقَرٌّ بِهِ.
[فَصْلٌ خَلَّفَ امْرَأَةً وَأَخًا فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِابْنِ لِلْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ الْأَخُ]
(٣٨٨٦) فَصْلٌ: إذَا خَلَّفَ امْرَأَةً وَأَخًا، فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ. وَأَنْكَرَ الْأَخُ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَدَفَعَتْ إلَيْهِ ثُمْنَ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ الْفَضْلَةُ الَّتِي فِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَنْ مِيرَاثِهَا.
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ وَحْدَهُ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ الْمَالِ. فَإِنْ خَلَّفَ اثْنَيْنِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِامْرَأَةٍ لِأَبِيهِ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ، وَيَدْفَعُ إلَيْهَا نِصْفَ الْمِيرَاثِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِنَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ زَالَتْ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا الْمُقَرُّ بِهِ حَقُّهَا مِنْ الْمِيرَاثِ.
وَلَهُمْ وَجْهٌ آخَرُ: لَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ امْرَأَةٌ أُخْرَى، فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ فِي يَدِ غَيْرِ الْمُقِرِّ. وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا، مِثْلُ أَنْ يُخَلِّفَ أَخًا مِنْ أَبٍ وَأَخًا مِنْ أُمٍّ، فَيُقِرَّ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ، سَوَاءٌ أَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، أَوْ مِنْ أَبٍ، أَوْ مِنْ أُمٍّ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ فِي يَدِ غَيْرِ الْمُقِرِّ. وَإِنْ أَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ مِنْ أُمٍّ، دَفَعَ إلَيْهِمَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تُسْعٌ، وَفِي يَدِهِ سُدْسٌ، وَهُوَ تُسْعٌ وَنِصْفُ تُسْعٍ، فَيَفْضُلُ فِي يَدِهِ نِصْفُ تُسْعٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ.
[فَصْلٌ شَهِدَ مِنْ الْوَرَثَةِ رَجُلَانِ عَدْلَانِ بِنَسَبِ مُشَارِك لَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ]
(٣٨٨٧) فَصْل: وَإِذَا شَهِدَ مِنْ الْوَرَثَةِ رَجُلَانِ عَدْلَانِ بِنَسَبٍ مُشَارِكٍ لَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ، ثَبَتَ نَسَبُهُ إذَا لَمْ يَكُونَا مُتَّهَمَيْنِ. وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِهِ. وَإِنْ كَانَا مُتَّهَمَيْنِ، كَأَخَوَيْنِ مِنْ أُمٍّ يَشْهَدَانِ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا زَوْجٌ وَأُخْتَانِ مِنْ أَبَوَيْنِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِهِ يُسْقِطُ الْعَوْلَ، فَيَتَوَفَّرُ عَلَيْهِمَا الثُّلُثُ
وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِأَخٍ مِنْ أَبٍ، فِي مَسْأَلَةٍ مَعَهُمَا أُمٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ، لَمْ تُقْبَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute