صَاحِبُ الْمُشَاعِ سُدُسَ الْمَالِ وَسُبْعَ الْعَبْدِ، وَالْآخَرُ سِتَّةَ أَسْبَاعِهِ. وَإِنْ وَصَّى لِصَاحِبِ الْمُشَاعِ بِخُمْسِ الْمَالِ، فَلَهُ مِائَةٌ وَسُدُسُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ. وَلَا أَثَرَ لِلرَّدِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ لَمْ يَخْرُجْ بِهِمَا مِنْ الْمَالِ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ.
[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ]
(٤٧٤٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ، فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يُجَاوِزُ بِهَا أَرْبَعَةَ آبَاءٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجَاوِزْ بَنِي هَاشِمٍ بِسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ، أَوْ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ، كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَوْلَادِهِ، وَلِأَوْلَادِ أَبِيهِ، وَأَوْلَادِ جَدِّهِ، وَأَوْلَادِ جَدِّ أَبِيهِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَلَا يُعْطِي مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَلَوْ وَصَّى لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَعْطَى أَوْلَادَهُ وَأَوْلَادَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَوْلَادَ هَاشِمٍ، وَلَمْ يُعْطِ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلَا بَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: ٧] . يَعْنِي أَقْرِبَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ، كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ شَيْئًا، إلَّا أَنَّهُ أَعْطَى بَنِي الْمُطَّلِبِ، وَعَلَّلَ عَطِيَّتَهُمْ بِأَنَّهُمْ " لَمْ يُفَارِقُوا بَنِي هَاشِمٍ، فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ ". وَلَمْ يُعْطِ قَرَابَةَ أُمِّهِ، وَهُمْ بَنُو زُهْرَةَ شَيْئًا، وَلَمْ يُعْطِ مِنْهُمْ إلَّا مُسْلِمًا، فَحُمِلَ مُطْلَقُ كَلَامِ الْمُوصِي عَلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَفُسِّرَ بِمَا فُسِّرَ بِهِ. وَيُسَوِّي بَيْنَ قَرِيبِهِمْ وَبَعِيدِهِمْ، وَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ سَوَاءٌ، وَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَلَا يَدْخُلُ الْكُفَّارُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْمُسْتَحَقِّ مِنْ قُرْبَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ، وَصَالِحٌ، عَنْ أَبِيهِمَا رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى قَرَابَةِ أُمِّهِ، إنْ كَانَ يَصِلُهُمْ فِي حَيَاتِهِ، كَأَخْوَالِهِ، وَخَالَاتِهِ، وَإِخْوَتِهِ مِنْ أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُهُمْ، لَمْ يُعْطُوا شَيْئًا؛ لِأَنَّ عَطِيَّتَهُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِلَتِهِ لَهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يُجَاوِزُ بِهَا أَرْبَعَةَ آبَاءٍ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، فِي " الْإِرْشَادِ ". وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَعَلَى هَذَا يُعْطَى كُلُّ مَنْ يُعْرَفُ بِقَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَى الْأَبِ الْأَدْنَى الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ قَرَابَةٌ، فَيَتَنَاوَلُهُمْ الِاسْمُ، وَيَدْخُلُونَ فِي عُمُومِهِ. وَإِعْطَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَعْضِ قَرَابَتِهِ، تَخْصِيصٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِالْعُمُومِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قَرَابَتُهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَيُعْطَى مَنْ أَدْنَاهُمْ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، فَإِذَا كَانَ لَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ، فَالْوَصِيَّةُ لِعَمَّيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالَانِ، فَلِعَمِّهِ النِّصْفُ وَلِخَالَيْهِ النِّصْفُ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute