{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: ٤٩] ، وَهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ الْبَيْضِ، وَالْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ تُشَبَّهُ بِالظَّبْيَةِ وَبَقَرَةِ الْوَحْشِ، وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الدَّبْغَ يَرْفَعُ الْعِلَّةَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّنَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْجِلْدَ لَمْ يَنْجُسْ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّ الذَّبْحَ لَا يَمْنَعُ مِنْهَا ثُمَّ يَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ بِذَبْحِ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُحْرِمِ، وَبِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ، وَمَا شُقَّ بِنِصْفَيْنِ.
[فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالِاسْتِحَالَةِ]
(٨٢) فَصْلٌ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالِاسْتِحَالَةِ، إلَّا الْخَمْرَةَ، إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا، وَمَا عَدَاهُ لَا يَطْهُرُ؛ كَالنَّجَاسَاتِ إذَا احْتَرَقَتْ وَصَارَتْ رَمَادًا، وَالْخِنْزِيرِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَلَّاحَةِ وَصَارَ مِلْحًا، وَالدُّخَانِ الْمُتَرَقِّي مِنْ وَقُودِ النَّجَاسَةِ، وَالْبُخَارِ الْمُتَصَاعِدِ مِنْ الْمَاءِ النَّجِسِ إذَا اجْتَمَعَتْ مِنْهُ نَدَاوَةٌ عَلَى جِسْمٍ صَقِيلٍ ثُمَّ قَطَّرَ، فَهُوَ نَجِسٌ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ تَطْهُرَ النَّجَاسَاتُ كُلُّهَا بِالِاسْتِحَالَةِ قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرَةِ إذَا انْقَلَبَتْ، وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ، وَالْجَلَّالَةِ إذَا حُبِسَتْ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ نَهَى إمَامُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْخَبْزِ فِي تَنُّورٍ شُوِيَ فِيهِ خِنْزِيرٌ.
[مَسْأَلَةُ آنِيَةِ عِظَامِ الْمَيْتَةِ]
(٨٣) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَكَذَلِكَ آنِيَةُ عِظَامِ الْمَيْتَةِ) يَعْنِي: أَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ عِظَامَ الْمَيْتَةِ نَجِسَةٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَيْتَةَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، أَوْ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، كَالْفِيَلَةِ، وَلَا يَطْهُرُ بِحَالٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَكَرِهَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عِظَامَ الْفِيَلَةِ، وَرَخَّصَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَغَيْرُهُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قِلَادَةً مِنْ عَصَبٍ وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ» .
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَالْعَظْمُ مِنْ جُمْلَتِهَا، فَيَكُونُ مُحَرَّمًا، وَالْفِيلُ لَا يُؤْكَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute