وَقَامَتْ مَقَامَ الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُسْهِمْ لَهَا، وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ، وَلِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يُسْهَمْ لَهَا، كَالْبَقَرِ. (٧٤٩٨) فَصْلٌ: وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَاهَدَ الْخَيْلَ عِنْدَ دُخُولِ الْحَرْبِ، فَلَا يُدْخِلُ إلَّا شَدِيدًا، وَلَا يُدْخِلُهَا حَطِمًا، وَلَا ضَعِيفًا، وَلَا ضَرِعًا، وَلَا أَعْجَفَ رَازِحًا.
فَإِنْ شَهِدَ أَحَدٌ الْوَقْعَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْهَمُ لَهُ؛ كَمَا يُسْهَمُ لِلْمَرِيضِ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَلَمْ يُسْهَمْ لَهُ، كَالرَّجُلِ الْمُخَذِّلِ وَالْمُرْجِفِ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يَتَعَيَّنُ مَنْعُ دُخُولِهِ، فَلَمْ يُسْهَمْ لَهُ، كَالْمُرْجِفِ.
وَأَمَّا الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقِتَالِ، فَإِنْ خَرَجَ بِمَرَضِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، كَالزَّمِنِ وَالْأَشَلِّ وَالْمَفْلُوجِ، فَلَا سَهْمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمَرَضِهِ عَنْ ذَلِكَ، كَالْمَحْمُومِ، وَمَنْ بِهِ الصُّدَاعُ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، وَيُعِينُ بِرَأْيِهِ، وَتَكْثِيرِهِ، وَدُعَائِهِ.
[مَسْأَلَة مَاتَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ]
(٧٤٩٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي سَهْمِهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْغَازِيَ إذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ، نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ، فَلَا سَهْمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ مَاتَ حَالَ الْقِتَالِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَهْمُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ مَاتَ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَسَمَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَتِمُّ عَلَيْهَا إلَّا بِذَلِكَ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنْ مَاتَ بَعْدَمَا يُدَرَّبُ قَاصِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ، أُسْهِمَ لَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: إنْ حَضَرَ الْقِتَالَ أُسْهِمَ لَهُ، سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَلَا سَهْمَ لَهُ. وَنَحْوَهُ قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ. وَلَنَا، أَنَّهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ حِيَازَتِهَا، فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ مِلْكِهَا، وَثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهَا، فَقَدْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، فِي حَالٍ لَوْ قُسِمَتْ صَحَّتْ قِسْمَتُهَا، وَكَانَ لَهُ سَهْمُهُ مِنْهَا، فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ سَهْمَهُ فِيهَا، كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ إحْرَازِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ، فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِ، كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ وَحُقُوقِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute