عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ، فَتَحَدَّثْنَا عِنْدَهُ، فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ، أَنَّهُ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجَ عَدَدًا، ثُمَّ يَجْعَلُ فِي مَالٍ نِصْفًا، وَنِصْفًا، وَثُلُثًا، ذَهَبَ النِّصْفَانِ بِالْمَالِ، فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ، وَأَيْمُ اللَّهِ، لَوْ قَدَّمُوا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ، وَأَخَّرُوا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ، مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ أَبَدًا، فَقَالَ زُفَرُ: فَمَنْ الَّذِي قَدَّمَهُ اللَّهُ، وَمِنْ الَّذِي أَخَّرَهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ: الَّذِي أَهْبَطَهُ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ، فَذَلِكَ الَّذِي قَدَّمَهُ اللَّهُ، وَاَلَّذِي أَهْبَطَهُ مِنْ فَرْضٍ إلَى مَا بَقِيَ، فَذَلِكَ الَّذِي أَخَّرَهُ اللَّهُ. فَقَالَ زُفَرُ: فَمَنْ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضَ؟ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْت: أَلَا أَشَرْت عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: هِبْتُهُ، وَكَانَ امْرَأً مَهِيبًا. قَوْلُهُ: مَنْ أَهْبَطَهُ مِنْ فَرِيضَةٍ إلَى فَرِيضَةٍ، فَذَلِكَ الَّذِي قَدَّمَهُ اللَّهُ. يُرِيدُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ وَالْأُمَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرْضٌ، ثُمَّ يُحْجَبُ إلَى فَرْضٍ آخَرَ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ، وَأَمَّا مَنْ أَهْبَطَهُ مِنْ فَرْضٍ إلَى مَا بَقِيَ، يُرِيدُ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتَ، فَإِنَّهُنَّ يُفْرَضُ لَهُنَّ، فَإِذَا كَانَ مَعَهُنَّ إخْوَتُهُنَّ، وَرِثُوا بِالتَّعْصِيبِ، فَكَانَ لَهُمْ مَا بَقِيَ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَكَانَ مَذْهَبُهُ، أَنَّ الْفُرُوضَ إذَا ازْدَحَمَتْ رُدَّ النَّقْصُ عَلَى الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ. وَلَنَا، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَوْ انْفَرَدَ أَخَذَ فَرْضَهُ، فَإِذَا ازْدَحَمُوا وَجَبَ أَنْ يَقْتَسِمُوا عَلَى قَدْرِ الْحُقُوقِ، كَأَصْحَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ، كَمَا فَرَضَ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَفَرَضَ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ،.
كَمَا فَرَضَ الثُّلُثَ لِلْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأُمِّ، فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ فَرْضِ بَعْضِهِمْ، مَعَ نَصِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ، وَلَمْ يُمْكِنْ الْوَفَاءُ بِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي النَّقْصِ عَلَى قَدْرِ الْحُقُوقِ، كَالْوَصَايَا، وَالدُّيُونِ، وَقَدْ يَلْزَمُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى قَوْلِهِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا زَوْجٌ، وَأُمٌّ، وَأَخَوَانِ مِنْ أُمٍّ، فَإِنْ حَجَبَ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ خَالَفَ مَذْهَبَهُ فِي حَجْبِ الْأُمِّ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْإِخْوَةِ، وَإِنْ نَقَصَ الْأَخَوَيْنِ مِنْ الْأُمِّ، رَدَّ النَّقْصَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهْبِطْهُ اللَّهُ مِنْ فَرْضٍ إلَى مَا بَقِيَ، وَإِنْ أَعَالَ الْمَسْأَلَةَ، رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ.
وَتَرَكَ مَذْهَبَهُ، وَلَا نَعْلَمُ الْيَوْمَ قَائِلًا بِمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الْقَوْلِ بِالْعَوْلِ، بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ.
[فَصْلٌ فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَحَدُهُمَا زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَالثَّانِيَةُ امْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ]
(٤٨٣٥) فَصْلٌ: حَصَلَ خِلَافُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلصَّحَابَةِ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ، اشْتَهَرَ قَوْلُهُ فِيهَا؛ أَحَدُهَا، زَوْجٌ وَأَبَوَانِ. وَالثَّانِيَةُ، امْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ، لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي عِنْدَهُمْ، وَجَعَلَ هُوَ لَهَا ثُلُثَ الْمَالِ فِيهَا. وَالثَّالِثَةُ، أَنَّهُ لَا يَحْجُبُ الْأُمَّ إلَّا بِثَلَاثَةٍ مِنْ الْإِخْوَةِ. وَالرَّابِعَةُ، لَمْ يَجْعَلْ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً. وَالْخَامِسَةُ، أَنَّهُ لَا يُعِيلُ الْمَسَائِلَ.
فَهَذِهِ الْخَمْسُ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِيهَا، وَاشْتَهَرَ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهَا، وَشَذَّتْ عَنْهُ رِوَايَاتٌ سِوَى هَذِهِ، ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِيمَا مَضَى.
[مَاتَ وَتَرَك ابْنِي عَمٍّ أَحَدِهِمَا أَخٍ لِأُمٍّ]
(٤٨٣٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِذَا كَانَا ابْنَا عَمٍّ، أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، فَلِلْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute