بِخِلَافِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، فَإِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ الْمَقْطُوعَةُ أَوَّلًا قُطِعَتْ ظُلْمًا أَوْ قِصَاصًا، فَفِي الْبَاقِيَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى قُطِعَتْ فِي سَبِيلِ اللَّه فَفِي الثَّانِيَةِ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالثَّانِيَةُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، لِأَنَّهُ عَطَّلَ مَنَافِعَهُ مِنْ الْعُضْوَيْنِ جُمْلَةً، وَأَمَّا إنْ قَطَعَ الْأَقْطَعُ يَدَ مَنْ لَيْسَ بِأَقْطَعَ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ فِي يَدِ الْأَقْطَعِ دِيَةً كَامِلَةً فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَكْمُلُ فِيهَا الدِّيَةُ فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ فِيهَا، وَاللَّائِقُ بِالْفِقْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَالتَّعْلِيلُ بِتَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الْعُضْوَيْنِ يَنْتَقِضُ بِمَا إذَا قُطِعَتْ الْأُولَى قِصَاصًا، وَالْقِيَاسُ عَلَى عَيْنِ الْأَعْوَرِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ، فَأَمَّا إنْ قُطِعَتْ أُذُنُ مَنْ قُطِعَتْ إحْدَى أُذُنَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ قَطَعَ هُوَ أُذُنَ ذِي أُذُنَيْنِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، لَا فِي الْمَذْهَبِ وَلَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ كُلِّ أُذُنٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُخْرَى.
[فَصْلٌ يُؤْخَذُ الْجَفْنُ بِالْجَفْنِ]
(٦٧١٠) فَصْلٌ: وَيُؤْخَذُ الْجَفْنُ بِالْجَفْنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهِ، لِانْتِهَائِهِ إلَى مَفْصِلٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيُؤْخَذُ جَفْنُ الْبَصِيرِ بِجَفْنِ الْبَصِيرِ وَالضَّرِيرِ، وَجَفْنُ الضَّرِيرِ، بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي السَّلَامَةِ مِنْ النَّقْصِ، وَعَدَمُ الْبَصَرِ نَقْصٌ فِي غَيْرِهِ، لَا يَمْنَعُ أَخْذَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَالْأُذُنِ إذَا عَدِمَ السَّمْعَ مِنْهَا.
[مَسْأَلَةٌ السِّنُّ بِالسِّنِّ]
(٦٧١١) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ الرُّبَيِّعِ، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهَا مُمْكِنٌ، لِأَنَّهَا مَحْدُودَةٌ فِي نَفْسِهَا، فَوَجَبَ فِيهَا الْقِصَاصُ كَالْعَيْنِ.، وَتُؤْخَذُ الصَّحِيحَةُ بِالصَّحِيحَةِ، وَتُؤْخَذُ الْمَكْسُورَةُ بِالصَّحِيحَةِ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ حَقِّهِ، وَهَلْ يَأْخُذُ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشَ الْبَاقِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرْنَاهُمَا فِيمَا مَضَى.
[فَصْلٌ لَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ سِنِّ مَنْ أَثْغَرَ]
(٦٧١٢) فَصْلٌ: وَلَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ سِنِّ مَنْ أَثْغَرَ، أَيْ سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، ثُمَّ نَبَتَتْ، يُقَالُ لِمَنْ سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ: ثَغْرٌ، فَهُوَ مَثْغُورٌ، فَإِذَا نَبَتَتْ قِيلَ: أَثْغَرَ وَأُثْغَرَ. لُغَتَانِ، وَإِنْ قُلِعَ سِنُّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ، لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي فِي الْحَالِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لِأَنَّهَا تَعُودُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا كَالشَّعْرِ، ثُمَّ إنَّ عَادَ بَدَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute