يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أَوْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ. يَعْنِي وَهُوَ جُنُبٌ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: «يَنَامُ، وَهُوَ جُنُبٌ، وَلَا يَمَسُّ مَاءً» . فَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» . رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَيَرَوْنَ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ أَحْمَدُ: أَبُو إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ الْأَسْوَدِ حَدِيثًا خَالَفَ فِيهِ النَّاسَ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ عَنْ الْأَسْوَدِ مِثْلَ مَا قَدْ قَالَ، فَلَوْ أَحَالَهُ عَلَى غَيْرِ الْأَسْوَدِ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ
، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَأَحَادِيثُنَا تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَالْحَائِضُ حَدَثُهَا قَائِمٌ، فَلَا وُضُوءَ مَعَ مَا يُنَافِيهِ، فَلَا مَعْنَى لِلْوُضُوءِ.
[فُصُولٌ فِي الْحَمَّامِ]
بِنَاءُ الْحَمَّامِ، وَبَيْعُهُ، وَشِرَاؤُهُ، وَكِرَاؤُهُ، مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ فِي الَّذِي يَبْنِي حَمَّامًا لِلنِّسَاءِ: لَيْسَ بِعَدْلٍ. قَالَ أَبُو دَاوُد: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ كَرْيِ الْحَمَّامِ؟ قَالَ: أَخْشَى. كَأَنَّهُ كَرِهَهُ. وَقِيلَ لَهُ، فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنْ لَا يَدْخُلَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ إزَارٍ. فَقَالَ: وَيُضْبَطُ هَذَا؟ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ. وَإِنَّمَا كَرِهَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ فِعْلِ الْمُنْكَرَاتِ، مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ، وَمُشَاهَدَتِهَا، وَدُخُولِ النِّسَاءِ إيَّاهُ
[فَصْلٌ كَانَ الدَّاخِلُ لِلْحَمَّامِ رَجُلًا]
(٣٢٣) فَصْلٌ: فَأَمَّا دُخُولُهُ؛ فَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ رَجُلًا يَسْلَمُ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَاتِ، وَنَظَرِ النَّاسِ إلَى عَوْرَتِهِ، فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهِ؛ فَإِنَّهُ يُرْوَى، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ حَمَّامًا بِالْجُحْفَةِ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَيُرْوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّهُ دَخَلَ الْحَمَّامَ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يَدْخُلَانِ الْحَمَّامَ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ. وَإِنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَسْلَمَ مِنْ ذَلِكَ، كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الْمَحْظُورِ، فَإِنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ وَمُشَاهَدَتَهَا حَرَامٌ، بِدَلِيلِ مَا رَوَى بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، «عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَك، إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ» وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ» «. وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا تَمْشُوا عُرَاةً» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: إنْ عَلِمْت أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي الْحَمَّامِ عَلَيْهِ إزَارٌ فَادْخُلْهُ، وَإِلَّا فَلَا تَدْخُلْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: دُخُولُ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إزَارٍ حَرَامٌ
[فَصْلٌ النِّسَاءُ لَيْسَ لَهُنَّ دُخُولُ الْحَمَّامَاتِ]
(٣٢٤) فَصْلٌ: فَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَيْسَ لَهُنَّ دُخُولُهُ، مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ السَّتْرِ، إلَّا لِعُذْرٍ؛ مِنْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ مَرَضٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute