(٧٥١٨) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ؛ إمَّا لِكَوْنِهِ لَا شَيْءَ لَهُ كَالْمُرْجِفِ وَالْمُخَذِّلِ، أَوْ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ كَالصَّبِيِّ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ فَرَسِهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ فَرَسِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ يَتْبَعُ الْفَارِسَ فِي حُكْمِهِ، فَيَتْبَعُهُ إذَا كَانَ مَغْصُوبًا، قِيَاسًا عَلَى فَرَسِهِ.
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ رَاكِبِهِ، وَالنَّقْصَ فِيهِ، فَيَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِهِ، وَبِمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ، وَفَرَسُهُ تَابِعَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ لَهَا فَهُوَ لَهُ، وَالْفَرَسُ هَا هُنَا لِغَيْرِهِ، وَسَهْمُهَا لِمَالِكِهَا، فَلَا يَنْقُصُ سَهْمُهَا بِنَقْصِ سَهْمِهِ، كَمَا لَوْ قَاتَلَ الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ. وَلَوْ قَاتَلَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ، خُرِّجَ فِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِيمَا إذَا غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ.
[فَصْل لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْض الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِسْمَةِ]
(٧٥١٩) وَلَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِسْمَةِ، إلَّا أَنْ يُنَفِّلَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ نَفْلًا، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَنْفَالِ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا، وَسَوَّى بَيْنَهُمْ.
وَلِأَنَّهُمْ اشْتَرَكُوا فِي الْغَنِيمَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّسْوِيَةِ، فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ، كَسَائِرِ الشُّرَكَاءِ.
(٧٥٢٠) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. جَازَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلِي الشَّافِعِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ، فِي السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ، فَيَقُولُ الْوَالِي: مَنْ جَاءَ بِشَيْءٍ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَجِئْ بِشَيْءٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ: الْأَنْفَالُ إلَى الْإِمَامِ، مَا فَعَلَ مِنْ شَيْءٍ جَازَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ: " مَنْ أَخَذَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ ". وَلِأَنَّ عَلَى هَذَا غَزَوْا، وَرَضُوا بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute