يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَاعِهِمَا فِي حَالِ حَمْلِهِمَا، فَيَكُونَانِ مَبِيعَيْنِ، وَلِهَذَا خَصَّ هَذَيْنِ بِالذِّكْرِ دُونَ بَقِيَّةِ النَّمَاءِ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا ثُمَّ أَفْلَسَ]
(٣٤٢٥) فَصْلٌ: وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا، ثُمَّ أَفْلَسَ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ قَدْ زَادَ بِكِبَرِهِ، وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا مِنْ أَجْلِهِ، فَيَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الزَّائِدِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، عَلَى مَا مَضَى. وَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ وَضْعِهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا بِكُلِّ حَالٍ، مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَمْلَ لَا حُكْمَ لَهُ. فَالْوَلَدُ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهِمَا، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْمُفْلِسِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْنَعَ الرُّجُوعَ فِي الْأُمِّ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأُمِّ، وَيَدْفَعَ قِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِيَكُونَا جَمِيعًا. لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، بِيعَتْ الْأُمُّ وَوَلَدُهَا جَمِيعًا، وَقُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، فَمَا خَصَّ الْأُمَّ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَمَا خَصَّ الْوَلَدَ كَانَ لِلْمُفْلِسِ
وَإِنْ قُلْنَا إنَّ لِلْوَلَدِ حُكْمًا. وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ قَدْ زَادَا بِالْوَضْعِ، فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمَبِيعِ الزَّائِدِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً. وَإِنْ لَمْ يَزِيدَا، جَازَ الرُّجُوعُ فِيهِمَا. وَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ فَتَلِفَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا، فَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ الرُّجُوعَ فِي الْأُخْرَى كَذَلِكَ؟ يُخَرَّجُ هَاهُنَا وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لَهُ الرُّجُوعَ فِيمَا لَمْ يَزِدْ، دُونَ مَا زَادَ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الرُّجُوعِ فِي الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ، عَلَى مَا فَصَّلْنَاهُ
الثَّانِي، لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الْمَبِيعَ إلَّا زَائِدًا، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، كَالْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ حَيَوَانًا غَيْرَ الْأَمَةِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا، إلَّا فِي أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا جَائِزٌ، وَالْأَمَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى حَائِلًا فَحَمَلَتْ ثُمَّ أَفْلَسَ وَهِيَ حَامِلٌ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا بِهِ]
(٣٤٢٦) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى حَائِلًا، فَحَمَلَتْ، ثُمَّ أَفْلَسَ وَهِيَ حَامِلٌ، فَزَادَتْ قِيمَتُهَا بِهِ، فَهِيَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَلَا تَمْنَعُهُ، عَلَى رِوَايَةِ الْمَيْمُونِي، وَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ وَضْعِهَا، فَهِيَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، فَتَكُونُ لِلْمُفْلِسِ، عَلَى الصَّحِيحِ. وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأُمِّ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ، فَيَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا وَجَدْنَا حَامِلًا، انْبَنَى عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ لَهُ حُكْمٌ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: لَا حُكْمَ لَهُ. جَرَى مَجْرَى الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَهُ حُكْمٌ. فَالْوَلَدُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ، يَتَرَبَّصُ بِهِ حَتَّى تَضَعَ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ. وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ فِي غَيْر الْآدَمِيَّةِ، جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute