لِأَنَّهُ مُوصًى بِهِ لِي. لَمْ يُصْرَفْ إلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُوصِيَ لَهُ بِالزِّيَادَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَحُجَّ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ، لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا.
[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِحَجَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ]
(٤٧٦٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي حِجَّةً. فَمَا فَضَلَ رُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ) أَمَّا إذَا أَوْصَى بِحِجَّةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ يَحُجُّ إلَّا قَدْرُ نَفَقَةِ الْمِثْلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ. وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، إنَّمَا يَنُوبُ عَنْهُ فِيهِ نَائِبٌ فَمَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُوصِي، وَمَا بَقِيَ رَدَّهُ عَلَى وَرَثَتِهِ. وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ، فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُوصِي، وَلَيْسَ عَلَى النَّائِبِ إتْمَامُ الْمُضِيِّ إلَى الْحَجِّ عَنْهُ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْتَأْجِرُ إلَّا ثِقَةً بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ، وَمَا فَضَلَ فَهُوَ لِمَنْ يَحُجُّ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَا أُعْطِيَ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ. وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ بَعْدَ قَبْضِ الْأَجِيرِ لَهُ، فَهُوَ مِنْ مَالِهِ، وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْحَجِّ. وَإِنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي. وَلَمْ يَقُلْ: حِجَّةً وَاحِدَةً. لَمْ يُحَجَّ عَنْهُ إلَّا حِجَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ. فَإِنْ عَيَّنَ مَعَ هَذَا مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ. فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهِ قَدْرُ نَفَقَتِهِ مِنْ بَلَدِهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ. فَإِنْ أَبَى الْحَجَّ إلَّا بِزِيَادَةٍ تُصْرَفُ إلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِ أَقَلُّ قَدْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ غَيْرُهُ. وَإِنْ أَبَى الْحَجَّ، وَكَانَ وَاجِبًا، اُسْتُنِيبَ غَيْرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ اسْتِنَابَتُهُ بِهِ. وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ لَهَا جِهَةً، فَإِذَا لَمْ تَقْبَلْهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِيعُوا عَبْدِي لَفُلَانٍ بِمِائَةٍ. فَأَبَى شِرَاءَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَبْطُلَ، وَيُسْتَنَابَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْقُرْبَةَ وَالتَّعْيِينَ، فَإِذَا بَطَلَ التَّعْيِينُ، لَمْ تَبْطُلْ الْقُرْبَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِيعُوا عَبْدِي لَفُلَانٍ، وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ. فَلَمْ يَقْبَلْ فُلَانٌ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِغَيْرِهِ، وَيُتَصَدَّقُ بِهِ.
[فَصْلٌ أُوصَى وَقَالَ حُجَّ عَنِّي بِمَا شِئْت]
(٤٧٦٤) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ حِجَّةً، لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. كَمَا لَوْ قَالَ: تَصَدَّقْ عَلَيَّ. لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ. وَإِنْ قَالَ: حُجَّ عَنِّي بِمَا شِئْت. صَحَّ، وَلَهُ مَا شَاءَ، إلَّا أَنْ لَا يُجِيزَ الْوَرَثَةُ، فَلَهُ الثُّلُثُ.
[فَصْلٌ أُوصَى أَنْ يَحُجّ عَنْهُ زَيْدٌ بِمِائَةِ وَلِعَمْرٍو بِتَمَامِ الثُّلُثِ وَلَسَعْد بِثُلُثِ مَالِهِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ]
(٤٧٦٥) فَصْلٌ: إذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ زَيْدٌ بِمِائَةٍ، وَلِعَمْرٍو بِتَمَامِ الثُّلُثِ، وَلَسَعْدً بِثُلُثِ مَالِهِ. فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ، أُمْضِيَتْ عَلَى مَا قَالَ الْمُوصِي. وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْمِائَةِ شَيْءٌ، فَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِالْفَضْلِ، وَلَا فَضْلَ. وَإِنْ رَدَّ الْوَرَثَةُ، قُسِمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ؛ لَسَعْدٍ السُّدُسُ، وَلِزَيْدٍ مِائَةٌ، وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute