إذَا أَسْلَمَ الْمَكْفُولُ بِهِ. وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ وَحْدَهُ، بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُجُوبُ الْخَمْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ.
[فَصْلٌ قَالَ أَعْطِ فُلَانًا أَلْفًا فَفَعَلَ]
(٣٦١١) فَصْلٌ: فَإِذَا قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا أَلْفًا. فَفَعَلَ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَفَالَةً، وَلَا ضَمَانًا إلَّا أَنْ يَقُولَ: أُعْطِهِ عَنِّي. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ خَلِيطًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْ خَلِيطِهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: أَعْطِهِ عَنِّي. فَلَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا. وَلَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ، فَقَالَ: أَعْطِهِ فُلَانًا. حَيْثُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَجْلِ هَذَا الْقَوْلِ، بَلْ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا يَلْزَمهُ؛ أَدَاؤُهُ.
(٣٦١٢) فَصْلٌ: إذَا كَانَتْ السَّفِينَةُ فِي الْبَحْرِ، وَفِيهَا مَتَاعٌ، فَخِيفَ غَرَقُهَا، فَأَلْقَى بَعْضُ مَنْ فِيهَا مَتَاعَهُ فِي الْبَحْرِ لِتَخِفَّ، لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، سَوَاءٌ أَلْقَاهُ مُحْتَسِبًا بِالرُّجُوعِ أَوْ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ. فَإِنْ قَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: أَلْقِ مَتَاعَك. فَأَلْقَاهُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْرِهُهُ عَلَى إلْقَائِهِ، وَلَا ضَمِنَ لَهُ.
وَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ. فَأَلْقَاهُ، فَعَلَى الْقَائِلِ ضَمَانُهُ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَا لَمْ يَجِبْ صَحِيحٌ. وَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ، وَأَنَا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضُمَنَاءُ لَهُ. فَفَعَلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ الْقَائِلُ وَحْدَهُ، إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَقِيَّتُهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ ضَمَانَ اشْتِرَاكٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا ضَمَانُ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ الْجَمِيعَ، إنَّمَا يَضْمَنْ حِصَّتَهُ، وَأَخْبَرَ عَنْ سَائِرِ رُكْبَانِ السَّفِينَةِ بِضَمَانِ سَائِره، فَلَزِمَتْهُ حِصَّتُهُ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانَ اشْتِرَاكٍ وَانْفِرَادٍ، بِأَنْ يَقُولَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنٌ لَك مَتَاعَك أَوْ قِيمَتَهُ.
لَزِمَ الْقَائِلَ ضَمَانُ الْجَمِيعِ، وَسَوَاءٌ قَالَ هَذَا وَالْبَاقُونَ يَسْمَعُونَ فَسَكَتُوا، أَوْ قَالُوا: لَا نَفْعَلُ. أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ بِهِ حَقٌّ.
[فَصْل لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ بِهَا كَفِيلَيْنِ]
(٣٦١٣) فَصْلٌ: قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ، عَنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَأَقَامَ بِهَا كَفِيلَيْنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ ضَامِنٌ، فَأَيُّهُمَا شَاءَ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، فَأَحَالَ رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ رَجُلًا بِحَقِّهِ؟ فَقَالَ: يَبْرَأُ الْكَفِيلَانِ. قُلْت: فَإِنْ مَاتَ الَّذِي أَحَالَهُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ، وَيَذْهَبُ الْأَلْفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute