مَالًا، فَخَاصَمَهُ إخْوَتُهَا إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَحْرَزَ الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ.» قَالَ: وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ شَهَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَرَجُلٍ آخَرَ قَالَ فَنَحْنُ فِيهِ إلَى السَّاعَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. فِي " سُنَنِهِمَا ".
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ. وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ، وَهُوَ بَاقٍ لِلْمُعْتَقِ، يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَصَبَاتِهِ لَمْ يَرِثْ شَيْئًا، وَعَصَبَاتُ الِابْنِ غَيْرُ عَصَبَاتِ أُمِّهِ، فَلَا يَرِثُ الْأَجَانِبُ مِنْهَا بِوَلَائِهَا دُونَ عَصَبَاتِهَا. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ غَلَطٌ، قَالَ حُمَيْدٍ: النَّاسُ يُغَلِّطُونَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَرِثُ الْمَوْلَى الْعَتِيقَ مِنْ أَقَارِبِ مُعْتِقِهِ إلَّا عَصَبَاتِهِ، الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ. وَلَا يَرِثُ ذُو فَرْضٍ بِفَرْضِهِ وَلَا ذُو رَحِمٍ. فَإِنْ اجْتَمَعَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَرْضٌ وَتَعْصِيبٌ، كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالزَّوْجِ وَالْأَخِ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ، وَرِثَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْصِيبِ، وَلَمْ يَرِثْ بِفَرْضِهِ شَيْئًا. وَإِنْ كَانَ عَصَبَاتٌ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، كَالْبَنِينَ وَبَنِيهِمْ، وَالْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ، وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، اقْتَسَمُوا الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ سِوَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَقْوَالِ الشَّاذَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَخَلَّفَ أَبَا مُعْتِقِهِ وَابْنَ مُعْتِقِهِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ وَخَلَّفَ أَبَا مُعْتِقِهِ وَابْنَ مُعْتِقِهِ، فَلِأَبِي مُعْتِقِهِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَلِلِابْنِ) نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا، فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي جَدِّ الْمُعْتِقِ وَابْنِهِ. وَقَالَ: لَيْسَ الْجَدُّ وَالْأَخُ وَالِابْنُ مِنْ الْكِبَرِ فِي شَيْءٍ يَجْزِيهِمْ عَلَى الْمِيرَاثِ. وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْعَنْبَرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَيُرْوَى عَنْ زَيْدٍ أَنَّ الْمَالَ لِلِابْنِ.
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالْحَكَمُ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ يَرِثَانِ مَعَهُ بِالْفَرْضِ، وَلَا يَرِثُ بِالْوَلَاءِ ذُو فَرْضٍ بِحَالٍ. وَلَنَا، أَنَّهُ عَصَبَةُ وَارِثٍ، فَاسْتَحَقَّ مِنْ الْوَلَاءِ كَالْأَخَوَيْنِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ مِنْ الْأَبِ، بَلْ هُمَا فِي الْقُرْبِ سَوَاءٌ، وَكِلَاهُمَا عَصَبَةٌ لَا يُسْقِطُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ
وَإِنَّمَا هُمَا يَتَفَاضَلَانِ فِي الْمِيرَاثِ فَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute