مِنْهَا، وَمُشَاهَدَةِ الْأَتُونِ، وَمَطْرَحِ الرَّمَادِ، وَمَوْضِعِ الزِّبْلِ، وَمَصْرِفِ مَاءِ الْحَمَّامِ، فَمَتَى أَخَلَّ بِهَذَا أَوْ بَعْضِهِ، لَمْ تَصِحَّ؛ لِلْجَهَالَةِ بِمَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِهِ.
[فَصْلٌ كِرَاءٍ الْحَمَّامِ]
(٤١٧٤) فَصْلٌ: وَكَرِهَ أَحْمَدُ كِرَاءَ الْحَمَّامِ. وَسُئِلَ عَنْ كِرَائِهِ، فَقَالَ: أَخْشَى. فَقِيلَ لَهُ: إذَا شُرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنْ لَا يَدْخُلَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ إزَارٍ. فَقَالَ: وَمَنْ يَضْبِطُ هَذَا؟ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ تَنْزِيهًا لَا تَحْرِيمًا؛ لِأَنَّهُ تَبْدُو فِيهِ عَوْرَاتُ النَّاسِ، فَتَحْصُلُ الْإِجَارَةُ عَلَى فِعْلٍ مَحْظُورٍ، فَكَرِهَهُ لِذَلِكَ، فَأَمَّا الْعَقْدُ فَصَحِيحٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ كِرَاءَ الْحَمَّامِ جَائِزٌ، إذَا حَدَّدَهُ، وَذَكَرَ جَمِيعَ آلَتِهِ شُهُورًا مُسَمَّاةً
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْي؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إنَّمَا يَأْخُذُ الْأَجْرَ عِوَضًا عَنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَالِاغْتِسَالِ بِمَائِهِ، وَأَحْوَالُ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّلَامَة، وَإِنْ وَقَعَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِعْلُ مَا لَا يَجُوزُ، لَمْ يَحْرُمْ الْأَجْرُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى دَارًا لِيَسْكُنَهَا، فَشَرِبَ فِيهَا خَمْرًا.
[مَسْأَلَة لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِيهِ إلَّا عِنْدَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ]
(٤١٧٥) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِيهِ إلَّا عِنْدَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنَافِعَ بِالْعَقْدِ، كَمَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْبَيْعِ، وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُؤَجِّرِ عَنْهَا، كَمَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ، كَمَا لَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَبِيعِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهَا نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالٍ بَدَا لِلْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ مِثْلِ أَنْ يَكْتَرِيَ دَارًا سَنَةً فَيَسْكُنَهَا شَهْرًا وَيَتْرُكَهَا، فَيَسْكُنَهَا الْمَالِكُ بَقِيَّةَ السَّنَةِ، أَوْ يُؤَجِّرَهَا لِغَيْرِهِ، احْتَمَلَ أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُكْتَرِي لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ الْمَكِيلُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ، وَسَلَّمَ بَاقِيَهُ
فَعَلَى هَذَا، إنْ تَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ دُونَ بَعْضٍ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي قَدْرِ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ دُونَ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ، وَيَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا بَقِيَ، فَلَوْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ شَهْرًا، وَتَرَكَهَا شَهْرًا، وَسَكَنَ الْمَالِكُ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ، لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أَجْرُ شَهْرَيْنِ. وَإِنْ سَكَنَهَا شَهْرًا، وَسَكَنَ الْمَالِكُ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ تَرَكَهَا، فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ أَجْرُ جَمِيعِ الْمُدَّةِ، وَلَهُ عَلَى الْمَالِكِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِمَا سَكَنَ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِقِسْطِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَجْرِ، وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا مَلَكَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ غَيْرِ إذْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَقَبْضُ الدَّارِ هَا هُنَا قَامَ مَقَامَ قَبْضِ الْمَنَافِعِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَنَافِعِ بِالسُّكْنَى وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute