ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ كَدِينِهِمْ. وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا مَوْلِدًا؛ فَهُوَ عَيْبٌ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهُوَ خِلَافُ الْعَادَةِ.
(٣٠١١) فَصْلٌ: وَالثُّيُوبَةُ لَيْسَتْ عَيْبًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْجَوَارِي الثُّيُوبَةُ، فَالْإِطْلَاقُ لَا يَقْتَضِي خِلَافَهَا، وَكَوْنُهَا مُحَرَّمَةً عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، لَيْسَ بِعَيْبٍ، إذْ لَيْسَ فِي الْمَحَلِّ مَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَالِيَّةِ، وَلَا نَقْصًا، وَإِنَّمَا التَّحْرِيمُ مُخْتَصٌّ بِهِ. وَكَذَلِكَ الْإِحْرَامُ وَالصِّيَامُ؛ لِأَنَّهُمَا يَزُولَانِ قَرِيبًا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا. وَكَذَلِكَ عِدَّةُ الْبَائِنِ.
وَأَمَّا عِدَّةُ الرَّجْعِيَّةِ فَهِيَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ، وَلَا يُؤْمَنُ ارْتِجَاعُهُ لَهَا. وَمَعْرِفَةُ الْغِنَاءِ وَالْحِجَامَةِ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، فِي الْجَارِيَةِ الْمُغَنِّيَةِ، أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْغِنَاءَ مُحَرَّمٌ. وَلَنَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي عَيْنِهَا، وَلَا قِيمَتِهَا، فَلَمْ يَكُنْ عَيْبًا كَالصِّنَاعَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْغِنَاءَ مُحَرَّمٌ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ، فَالْمُحَرَّمُ اسْتِعْمَالُهُ، لَا مَعْرِفَتُهُ، وَالْعُسْرُ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَكَانَ شُرَيْحٌ يَرُدُّ بِهِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ لَيْسَ بِنَقْصِ، وَعَمَلُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ يَقُومُ مَقَامَ عَمَلِهِ بِالْأُخْرَى، وَالْكُفْرُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: ٢٢١] .
وَلَنَا، أَنَّ الْعَبِيدَ يَكُونُ فِيهِمْ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْأَصْلُ فِيهِمْ الْكُفْرُ، فَالْإِطْلَاقُ لَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ، وَكَوْنُ الْمُؤْمِنِ خَيْرًا مِنْ الْكَافِرِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْكُفْرِ عَيْبًا، كَمَا أَنَّ الْمُتَّقِيَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] . وَلَيْسَ عَدَمُ ذَلِكَ عَيْبًا. وَكَوْنُهُ وَلَدَ زِنًا لَيْسَ بِعَيْبٍ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِافْتِرَاشِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ. وَلَنَا أَنَّ النَّسَبَ فِي الرَّقِيقِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ يُشْتَرَوْنَ مَجْلُوبِينَ، غَيْرَ مَعْرُوفِي النَّسَبِ. وَكَوْنُ الْجَارِيَةِ لَا تُحْسِنُ الطَّبْخَ أَوْ الْخَبْزَ أَوْ نَحْوَ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حِرْفَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا عَيْبًا، كَسَائِرِ الصَّنَائِعِ، وَكَوْنُهَا لَا تَحِيضُ، لَيْسَ بِعَيْبٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ عَيْبٌ إذَا كَانَ لِكِبَرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تَحِيضُ لَا تَحْمِلُ. وَلَنَا، أَنَّ الْإِطْلَاقَ لَا يَقْتَضِي الْحَيْضَ، وَلَا عَدَمَهُ، فَلَمْ يَكُنْ فَوَاتُهُ عَيْبًا، كَمَا لَوْ كَانَ لِغَيْرِ الْكِبَرِ.
[فَصْلٌ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْع صِفَة مَقْصُودَة مِمَّا لَا يَعُدْ فَقَدَهُ عَيْبًا]
(٣٠١٢) فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ صِفَةً مَقْصُودَةً مِمَّا لَا يُعَدُّ فَقْدُهُ عَيْبًا، صَحَّ اشْتِرَاطُهُ، وَصَارَتْ مُسْتَحَقَّةً، يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ عِنْدَ عَدَمِهَا، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ مُسْلِمًا، فَيَبِينُ كَافِرًا، أَوْ يَشْتَرِطَ الْأَمَةَ بِكْرًا أَوْ جَعْدَةً أَوْ طَبَّاخَةً، أَوْ ذَاتَ صَنْعَةٍ، أَوْ لَبَنٍ، أَوْ أَنَّهَا تَحِيضُ، أَوْ يَشْتَرِطَ فِي الدَّابَّةِ أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute