أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلَا الْوَرْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
نَصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَأَلْحَقَ بِهَا أَهْلُ الْعِلْمِ مَا فِي مَعْنَاهَا، مِثْلَ الْجُبَّةِ، وَالدُّرَّاعَةِ، وَالثِّيَابِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ سَتْرُ بَدَنِهِ بِمَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِهِ، وَلَا سَتْرُ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ بِمَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِهِ، كَالْقَمِيصِ لِلْبَدَنِ، وَالسَّرَاوِيلِ لِبَعْضِ الْبَدَنِ، وَالْقُفَّازَيْنِ لِلْيَدَيْنِ، وَالْخُفَّيْنِ لِلرِّجْلَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ اخْتِلَافٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَجُوزُ لِبَاسُ شَيْءٍ مِنْ الْمَخِيطِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الذُّكُورُ دُونَ النِّسَاءِ.
[مَسْأَلَة لَمْ يَجِدْ الْمُحْرِم إزَارًا]
(٢٣٢٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا، لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدَ نَعْلَيْنِ، لَبِسَ الْخُفَّيْنِ، وَلَا يَقْطَعْهُمَا، وَلَا فِدَاءَ عَلَيْهِ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِي أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ، إذَا لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ، وَالْخُفَّيْنِ إذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ، يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى جَابِرٌ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِمَا عِنْدَ ذَلِكَ، فِي قَوْلِ مَنْ سَمَّيْنَا، إلَّا مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالَا: عَلَى كُلِّ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ الْفِدْيَةُ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ. وَلِأَنَّ مَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِزَارِ، وَجَبَتْ مَعَ عَدَمِهِ، كَالْقَمِيصِ.
وَلَنَا، خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْإِبَاحَةِ، ظَاهِرٌ فِي إسْقَاطِ الْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِلُبْسِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِدْيَةً، وَلِأَنَّهُ يَخْتَصُّ لُبْسُهُ بِحَالَةِ عَدَمِ غَيْرِهِ، فَلَمْ تَجِبْ بِهِ فِدْيَةٌ، كَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ. فَأَمَّا الْقَمِيصُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ، وَيَسْتَتِرَ، بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ.
[فَصْلٌ إذَا لَبِسَ الْمُحْرِم الْخُفَّيْنِ]
(٢٣٢٦) فَصْلٌ: وَإِذَا لَبِسَ الْخُفَّيْنِ، لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعُهُمَا، فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ. وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَقْطَعُهُمَا، حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، فَإِنْ لَبِسَهُمَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، افْتَدَى. وَهَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute