مِثْلَ دِمَشْقَ. وَقَالَ: أَرْضُ الشَّامِ أَرْضُ الْمَحْشَرِ، وَدِمَشْقُ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ إلَيْهِ النَّاسُ إذَا غَلَبَتْ الرُّومُ. قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ: " إنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ ". وَنَحْوَ هَذَا؟ قَالَ: مَا أَكْثَرَ مَا جَاءَ فِيهِ. وَقِيلَ لَهُ: إنَّ هَذَا فِي الثُّغُورِ. فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: أَرْضُ الْقُدْسِ أَيْنَ هِيَ؟ " وَلَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ " هُمْ أَهْلُ الشَّامِ. فَفَسَّرَ أَحْمَدُ الْغَرْبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالشَّامِ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ،
وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّامَ يُسَمَّى مَغْرِبًا، لِأَنَّهُ مَغْرِبٌ لِلْعِرَاقِ، كَمَا يُسَمَّى الْعِرَاقُ مَشْرِقًا، وَلِهَذَا قِيلَ: وَلِأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ.
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ مُصَرَّحًا بِهِ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ بِالشَّامِ.» وَفِي الْحَدِيثِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: " وَهُمْ بِالشَّامِ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فِي " صَحِيحِهِ ". وَفِي خَبَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ بِدِمَشْقَ ظَاهِرِينَ.» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، فِي " التَّارِيخِ ".
وَقَدْ رُوِيَتْ فِي الشَّامِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَتُجَنَّدُونَ أَجْنَادًا؛ جُنْدًا بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا بِالْيَمَنِ فَقُلْت: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: عَلَيْك بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَمَنْ أَبَى، فَلْيَلْحَقْ بِالْيَمَنِ، وَيُسْقَ مِنْ غُدُرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ، وَكَانَ أَبُو إدْرِيسَ إذَا رَوَى هَذَا الْخَبَرَ قَالَ: وَمَنْ تَكَفَّلَ اللَّهُ بِهِ، فَلَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute