للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والأصح منهما الصحة، وما نحن فيه أولى بالصحة منه؛ لأن الهازل قد لا يقصد المعنى بالكلية، وهنا قصد المعنى؛ لدلالة لفظه عليه، وكونه يعتقده للغير لا يصلح معارضًا بدليل قصد الفضولي.

نعم، إن فرض أنه أتى بذلك على صورة الهزل ينضم إليه خلاف الهازل.

والصحيح الصحة أيضًا وشبه أيضًا ببيع التَّلْجِئة وهو أن يخاف من سلطان أو غيره فيقول لصديقه: أبيعك على أن ترد علي إذا أمِنت حتى أقول: إني بعته، وإذا بعتك لا ينعقد البيع، ويسمى بيع الأمانة، والصحيح فيه الصحة أيضًا، وشبه أيضًا بالمعلق؛ لأن هذا التنجيز مع ظن عدم الملك في معنى التعليق، وهذا التشبيه لو صح ترجح البطلان، لكنه ممنوع من جهة أن التعليق لا يقتضي الانعقاد الآن، وهذا التنجيز يقتضي الانعقاد الآن، ولكنه يظن أن الشرع لا يصححه له، وعند هذا نقول: إن للمسألة ثلاثة أحوال: أحدها: أن يقصد حقيقة البيع، كما يقصده الفضولي في بيع مال الغير، وها هنا قول الصحة ظاهر قوي وتشبيهه بالهزل والتعليق ليس بشيء.

الحالة الثانية: أن يقصد بذلك الكلام الاستهزاء وعدم الحقيقة، فهذا هو الهزل وقول الفساد في هذه الحالة محتمل باطنًا، ولكنا نتمسك بدلالة لفظه ظاهرًا؛ إذ لا دليل على ذلك إلا اعتقاد عدم الملك، وهو محتمل للحالة الأولى، فيحمل عليها عملًا باللفظ.

الحالة الثالثة: أن يقصد تحقيق البيع عند موت مورثه، وهي كالحالة الثانية وأولى بالفساد لكن إلحاقها بالحالة الأولى عملًا بمدلول اللفظ أولى.

فإن قلت: يمكن النزاع في الصحة في الحالة الأولى أيضًا، والفرق بينه وبين الفضولي أن الفضولي يقصد نقل الملك عن غيره ويصحح ذلك إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>