للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أنه لم يأكل لحم الغنم إلَّا بعد العشرين من عمره لحِدَّة ذهنه، وكان يخرج من البيت وقت صلاة الصبح، فيشتغل على المشايخ إلى أن يعود قريب الظهر، فيجد أهل البيت قد عملوا له فَرُّوجًا، فيأكله ويعود إلى الاشتغال إلى المغرب، فيأكل شيئًا حلوًا لطيفًا، ثم يشتغل بالليل، وهكذا لا يعرف غير ذلك (١).

ولأن الله إذا أراد شيئًا هيَّأ له أسبابه، فقد رُزِق الإمام بوالدين قاما على أمره، والاهتمام بشأن حياته، حتى يتفرغ هو للتعليم، فزوَّجه أبوه ابنة عمه وعمره خمس عشرة سنة، وألزمها ألَّا تحدثه في شيء من أمر نفسها، وكذلك ألزمها والدها وهو عمه الشيخ صدر الدين، فاستمرت معه ووالده ووالدها يقومان بأمرهما وهو لا يراها إلَّا وقت النوم، وصحبته مدة ثم إن والدها بلغه أنها طالبته بشيء من أمر الدنيا، فطلبه وحلف عليه بالطلاق ليطلقها، فطلقها. فانظر إلى اعتناء والده وعمه بأمره، وكان ذلك خوفًا منهما أن يشتغل باله بشيء غير العلم (٢)!!

* رحلته في طلب العلم، وأهم شيوخه:

قدم والد الشيخ به إلى القاهرة، وعرضه على الإمام ابن دقيق العيد، وعرض عليه "التنبيه"، ثم إن الإمام ابن دقيق العيد أمر والده أن يعود به إلى البرّ إلى أن يصير فاضلًا، ففعل أبوه ما أمره به ابن دقيق العيد، فما عاد إلى القاهرة إلَّا بعد وفاة الشيخ ابن دقيق العيد (٣). ثم لما دخل القاهرة بعد أن


(١) "طبقات الشافعية الكبرى"، لتاج الدين السبكي (١٠/ ١٤٤) بتصرف يسير.
(٢) المصدر السابق (١٠/ ١٤٥).
(٣) يقول ولده الإمام تاج الدين السبكي: "وسمعت الوالد يقول: أنا ما أتحقق الشيخ تقي الدين ولكني أذكر أني دخلت دار الحديث الكاملية بالقاهرة ورأيت شيخًا هيئته كهيئة الشيخ تقي الدين الموصوفة لنا لعله هو". المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>