للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك أبيه، فبان أنها ملكه؛ لأنه قد كان ورثها لم يصح البيع، وابن الصباغ وغيره من العراقيين والمراوزة أطبقوا على نقل قولين في صورة البيع، كما هما في الكتابة، وحكى الماوردي القولين أيضًا في البيع في باب الكتابة، وجزم في باب الوكالة بالفساد، فكأنه مع إثبات القولين رجح القول بالفساد، والبندنيجي وافق المصنف في أنه المنصوص، وذكر الشيخ أبو حامد هنا عن الوجه القائل بصحة الرهن أنه ليس بشيء، وذكر الروياني "أنه قول مخرج" (١)، وأدرج الإمام هذه المسألة في وقف العقود، وذلك يشير إلى أن القول بالصحة فيها قديم، وإن الجديد البطلان لكنه في باب الوكالة حكى أن الشافعي نص عليهما في الجديد. وقال في البيوع: "وللشافعي في الجديد مرامزُ إلى القولين في هذا النوع" (٢)؛ فلذلك أن أكثر الأصحاب أطبقوا على القولين، ومختار المزني منهما الصحة (٣)، وإن كان المصنف ما نقله إلا نقل الوجوه، وتبع ابن أبي عصرون ذلك، فصحح البطلان، والرافعي صحح الصحة (٤) وهو أقوى في المعنى؛ لأن كونه ملك الغير لا ينافي قصد البيع؛ ولذلك يتردد في بيع الفضولي، فحقيقة البيع معلومة يمكن قصدها ولكن الشارع لا يصححها إلا في ملك، فإذا وجد الملك صح واشتراط العلم معه لا دليل عليه، وقول المصنف: إنه لا عبء إن أراد به لم يقصد معنى البيع، فممنوع وإن أراد أنه لا عبء بذلك، فلا ينافي الصحة.

قال الرافعي: "ولا يبعد تشبيه هذا الخلاف بالخلاف في أن بيع الهازل هل ينعقد، وفيه وجهان" (٥).


(١) بحر المذهب (٥/ ٣٢٩).
(٢) نهاية المطلب (٥/ ٤٠٨).
(٣) انظر: الحاوي الكبير (١٨/ ٣٠٤).
(٤) فتح العزيز (٤/ ٣٣).
(٥) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>