للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيتي كل ما يتعلق بعلم الطب، فاستنار قلبي ورجع إليّ حالي، وعدت لما كنت عليه أولًا" (١).

وضُرب به المثل في إكبابه على طلب العلم ليلًا ونهارًا، وهَجْرِه النوم إلَّا عن غلبة، وضبط أوقاته بلزوم الدرس أو الكتابة أو المطالعة أو التردد إلى الشيوخ.

• شيوخه:

سمع الإمامُ الحديثَ من جماعة؛ منهم: الرضي بن برهان الدين، سمع عليه جميع "صحيح مسلم"، والشيخ شمس الدين بن أبي عمرو ابن الشيخ عماد الدين بن الحرستاني، وإسماعيل بن أبي اليسر، وأخذ علم الحديث من الزين خالد، وكان يقرأ عليه "الكمال" للحافظ عبد الغني، وشرح


(١) يقول السخاوي معلقًا على قصة اشتغال الإمام بالطب ما مضمونه: "فإن قيل: كيف هذا مع ما نُقل عن الشافعي أنه قال: العلم علمان، علم فقه للأديان، وعلم طب للأبدان، وزاد بعضهم عنه: وما سوى ذلك فبُلْغة مجلس، أو: وما سوى ذلك من الشعر ونحوه، فهو عناء وتعب؟ فالجواب: إن الذي مدحه الشافعي هو الطب النبوي، أو المجرد عن أصول الفلاسفة التي صرح صاحب "القانون" في أوله بابتناء الطب المورد في كتابه عليها، وأن الطبيب يتعلم ما يُبنى عليه من العلم الطبيعي؛ ولذلك اعترى الشيخ بمجرد عزمه على الاشتغال في الكتاب المذكور ما أشار إليه، لما رزقه الله من نور البصيرة، وأبداه له بصلاح السريرة، خصوصًا وإن عنده من الطب المحمود ما يفوق الوصف.
على أن أبا بكر بن طاهر سئل عن معنى قول الشافعي، فقال: عند العوامِّ أن علم الأديان: هو ظاهر الفقه، وعلم الأبدان: هو ظاهر الطب، وعند الحكماء؛ أن علم الأديان هو علم مشاهدة القلوب بالمعاملات بصنع الله وتدبيره، وهو الفقه النافع، وعلم الأبدان: هو ظاهر أوامر الله تعالى ذكره، ونواهيه في الحلال والحرام، وهو حجة الله على خلقه، وهو الطب النافع، فعلم القلوب: هو عين الإسلام وحقائقه، وعلم الأبدان: هو آداب الإسلام وشرائعه، وقد قال حرملة بن يحيى: كان الشافعي يتلهف على ما ضيّع المسلمون من الطب، ويقول: ضيعوا ثلث العلم، ووكلوه إلى اليهود والنصارى". انظر: "المنهل العذب الروي" (ص/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>