للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجازه المالك، فالذي صححناه بالإجازة هو الذي قصده بالبيع، وها هنا الذي يصححه نقل الملك عن نفسه، ولم يكن مقصودًا له حالة البيع.

قلت: اشتركا في قصد تحصيل الملك للمشتري، وأما خصوص المنتقل عنه، فلا أثر له على أن الفضولي لا يختص بما إذا قصد البيع عن الغير، فقد ذكر الأصحاب إذا غصب أموالًا وباعها وذكروا فيها قولي وقف العقود، وإن كان الغاصب قد بيع عن نفسه، بل هو الغالب، وقصدي أن اعتقاد كونه للغير لا يمنع من قصد حقيقة البيع، وليس بلاعب بل جادٍّ مرتكب محرمًا، وذلك لا يمنع الصحة إذا وجدت شروطها.

فإن قلت: تصحيحكم لبيع الهازل مخالف لمفهوم قوله : "ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ". وهو حديث رواه أبو داود (١) والترمذي (٢) وابن ماجه (٣) من حديث أبي هريرة .

وقال الترمذي فيه: حسن غريب وفي رواية أخرى: "والعتق" بدل: "الرجعة" (٤). وقد ذكر بعض الناس أن هذا الحديث ليس منه شيء على شرط الصحيح، ولا ينافي ذلك تحسين الترمذي، فهو حجة ومفهومه أي: ما سوى الثلاث هزلهن ليس بجد، فلا يصح.

قلت: مفهوم العدد ليس بحجة على المختار، ولو قيل بأنه حجة، فيكفي في المفهوم إخراج ما يفتقر إلى القصد على وجه الجد، ويقاس على النكاح والطلاق والرجعة ما في معناها من العقود والتصرفات، وبهذا يتبين أن الأرجح فقهًا الصحة، وأما الأرجح نقلًا، فقد عرفته من النص، والظاهر أنه


(١) أبو داود (٢١٩٤).
(٢) الترمذي (١١٨٤).
(٣) ابن ماجه (٢٠٣٩).
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (١٨٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>