واختلف أصحابنا في المدبر، فمنهم مَن قال: لا يجوز رهنه قولًا واحدًا؛ لأنه قد يموت المولى فجأة، فيعتق، فلا يمكن بيعه، وذلك غرر من غير حاجة، فمنع صحة الرهن، ومنهم من قال: يجوز رهنه قولًا واحدًا؛ لأنه يجوز بيعه، فجاز رهنه كالعبد القن، ومنهم من قال: فيه قولان بناء على القولين في أن التدبير وصية أو عتق بصفة، فإن قلنا: إنه وصية جاز رهنه؛ لأنه يجوز الرجوع فيه بالقول، فجعل الرهن رجوعًا، وإن قلنا: إنه عتق بصفة لم يجز رهنه؛ لأنه لا يجوز الرجوع فيه بالقول، وإنما يجوز الرجوع فيه بتصرف يزيل الملك، والرهن لا يزيل الملك.
هذه الطرق الثلاث قال الشيخ أبو حامد: حكاها أبو العباس في "التقريب"، وأبو إسحاق، وغيرهما، واستفدنا بهذا أن هذه الطرق متقدمة على ابن سريج، وأن لابن سريج كتابًا يسمى "التقريب"، وهو غير "التقريب" المشهور المنسوب لابن القفال على الأصح، والشاشي نقل الطريقة الأولى القاطعة بالمنع عن أبي علي الطبري في الإفصاح أنه قالها ولما أرها فيه هنا، وإنما فيه الخلاف، وصحح ابن أبي عصرون الطريقة