ويُعَدُّ علم الفقه الفقه - بصفة خاصَّة - من أشرف العلوم، فهو المَعِين الذي حفظ للأمة الإسلامية وجودها بين الأمم على اختلاف العصور، وهو مفخرة من مفاخرها العظيمة، فلا حياة للأمة بدونه، كيف لا! وهو علم الحلال والحرام، وهو الجامع لمصالح الدين والدنيا، ولبَّى مطالب الأمة في جميع ما عَرَض لها من أحكام ومستجدات، فساير حاجاتها وواكب متطلباتها، فكان - بحقٍّ - هو فقه الحياة.
وقد برع في تدوين هذا الفقه ونشره: علماء أكابر مجتهدون، تنوَّعت مشاربهم، واختلفت طرائقهم، فقاموا بما أملاه عليهم واجب العلم؛ من بحث، وجمع، وتأليف، واجتهاد. ﵃ ورحمهم -.
ولا زالت بطون المكتبات حُبلى بما قيدته أيديهم من مؤلَّفات ومصنَّفات، لم يأن وقت مخاضها بعد، تنتظر من يُميط عنها اللِّثام، ويبرز حسنها لطلبة العلم خاصة من بين الأنام.
و من هذه النفائس التي كانت حبيسة أسوار مكتبات المخطوطات: جزء كبير من تكملة شرح الإمام النووي المعروف بـ: "المجموع شرح المهذَّب" للإمام تقي الدين السبكي، حيث طُبِع منه جزءٌ انتهى عند آخر باب:"الرد بالعيب"، وظنَّ البعض أن السبكي توقَّف عند هذا الموضع، وقوَّى هذا الظن: أن الشيخ محمد نجيب المطيعي (١) الذي واصل عمل السبكي على
(١) محمد نجيب المطيعي، من علماء مصر، ولد بالطوابية من صعيد مصر عام: (١٩١٥ م)، وتعلم بالإسكندرية على علمائها، ثم استقر بالقاهرة، واشتغل بالدعوة والخطابة والجهاد ضد الاحتلال البريطاني، اشترك في تحرير مجلة مصر الفتاة، له مصنفات في علم الحديث، واشتهر بتحقيقه لكتاب "المجموع" للنووي وتكملته له في سبعة مجلدات، عمل في السودان رئيسًا لقسم السنة بجامعة أم درمان، ثم استقر بالمملكة العربية السعودية إمامًا وخطيبًا لأحد المساجد بها، وله دروس مسجلة في شرح "صحيح البخاري". =