للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المدرسة الرَّواحية، وبيته فيها عجيب لطيف الحال (١).

• طلبه للعلم:

كان الإمام مجدًّا في طلبه للعلم، مجتهدًا فيه، باذلًا له كل وقته، حتى إنه ذكر أنه مضت عليه سنتان لا يضع جنبه على الأرض، ويتقوَّت بجراية المدرسة (٢).

ومما يدل على جِدِّه واجتهاده في العلم والطلب والتحصيل: أنه أتم حفظ "التنبيه" في أربعة أشهر، وحفظ ربع العبادات من كتاب "المهذب" في باقي السنة، وكان يقرأ في اليوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا: درسين في "الوسيط"، ودرسًا في "المهذب"، ودرسًا في "الجمع بين الصحيحين"، ودرسًا في أسماء الرجال، ودرسًا في "صحيح مسلم"، ودرسًا في "اللمع" لابن جني، ودرسًا في "إصلاح المنطق" لابن السِّكِّيت، ودرسًا في التصريف، ودرسًا في أصول الفقه؛ تارة في "اللُّمَع" لأبي إسحاق، وتارة في "المنتخب" للإمام فخر الدين الرازي، ودرسًا في أصول الدين في "الإرشاد" الإمام الحرمين الجويني (٣).

ومن شدة اجتهاده وجده في طلب العلم: أنه عزم على تعلُّم الطب، لكنه لم يُفتح له فيه؛ فقال: "وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت القانون، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم عليَّ قلبي، وبقيت أيامًا لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري من أين دخل عليَّ الداخل؟ فألهمني الله أن الاشتغال بالطب سببه، فبعت في الحال الكتاب المذكور، وأخرجت من


(١) "المنهل العذب الروي"، السخاوي (ص: ١٢).
(٢) بل ذكر السخاوي في "المنهل العذب الروي" (ص:١٢) نقلا عن اللخمي أنه كان يتصدق منها أيضًا، ثم ترك تعاطيها!
(٣) "المنهل العذب الروي"، السخاوي (ص: ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>