الحمد لله الذي سهَّل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلًا، وأوضح لهم طريق الهداية، وجعل اتّباع الرسول عليه دليلًا، واتخذهم عبيدًا له، فأقروا له بالعبودية، ولم يتخذوا من دونه وكيلًا.
والحمد لله الذي أقام في أزمنة الفترات مَنْ يكون ببيان سنن المرسلين كفيلًا، واختص هذه الأمة بأنه لا تزال طائفة فيها على الحق لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمره، ولو اجتمع الثقلان على حربهم قبيلًا (١).
أحمده - والتوفيق للحمد من نعمه - وأشكره - والشكر كفيل بالمزيد من فضله وكرمه وقسمه - وأستغفره وأتوب إليه من الذنوب التي توجب زوال نِعَمِه وحلول نِقَمه.
وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، شهادة أشهد بها مع الشاهدين، وأدخرها عند الله عُدّة ليوم الدين. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين - صلى الله عليه وآله وأصحابه والتابعين -، ومن لزم طريقه واستن بسنته إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن الاشتغال بالعلم من أفضل القُرَب وأجلِّ الطاعات، وأهم أنواع الخير
(١) مختصر من مقدمة ابن القيم لـ "مفتاح دار السعادة".