الخلاف في رهن المدبر يجري في غير صورة رهن الإنسان على دين غيره إلا في كلام الإمام، وصحيح أنهم لم يصرحوا، لكن نعلم ونتحقق من إطلاقاتهم الكثيرة أنهم لم يريدوا تلك الصورة النادرة بخصوصها، فلا نشك أن الخلاف جارٍ في رهن الإنسان عبد نفسه الذي دبره عن دينه، وأن الأصحاب أرادوا ذلك، ولو أرادوا تلك الصورة وحدها بهذه العبارة الدائرة، لكان هذا من الإلغاز، بل من الإبهام الذي لا يصدر من عالم فضلًا عن إطباق العلماء عليه.
والفُجأة: البغتة بضم الفاء وبالمد ويُقال: فَجأة بفتح الفاء، وإسكان الجيم والقصر، واستدلاله للطريقة القاطعة بالجواز بجواز البيع ظاهر، ولا ينبغي أن ينكر أن القياس العام يقتضي أن كل ما جاز بيعه جاز رهنه؛ لأن المقصود بالرهن البيع، وقول ابن الصباغ: إنها مخالفة للقياس - يعني به: بعد تقرر أن المعلق عتقه لا يجوز - لكنا نقول: القياس صحة الرهن فيهما؛ لجواز بيعهما، وإنما يعدل عن هذا القياس بما يلزم الرهن من المحذور الذي لا يلزم البيع، وهو أنه إذا وُجِدت الصفة إن عُتق فاتت الوثيقة، وتقاعد الرهن عن مقتضاه، وإن لم يعتق لزم تخلف أثر التعليق عنه مع دوام الملك، وهذا نوع من الدليل رجحه الشافعي على ذلك القياس.
وقوله:"كالعبد القن" يُفهم أن المدبر ليس بقن، والقن في اللغة: العبد إذا ملك هو وأبوه. وفي الشرع: ما قاله صاحب "الاستقصاء" هو مَن لم يوجد في حقه سبب من أسباب الحرية، وبهذا يصح ما أفهمه كلام المصنف.
وقولنا:"المكاتب قن" معناه: عبد، وطريقة القولين لا تحتاج إلى بيانٍ.
وقوله:"إن التعليق يجوز الرجوع فيه بتصرف يزيل الملك" يقتضي أنا