بالبيع نجعله راجعًا في التعليق، وهكذا تقتضيه عبارة الشافعي أيضًا، وأرى أن هذه العبارة فيها تجوز، فإن حقيقة الرجوع النقض والفسخ؛ للسبب المتقدم حتى كأنه لم يوجد، وارتفاع آثاره تابع لذلك، وإذا لم يجز الرجوع بصريح القول، فكيف بما يدل عليه، وإنما البيع مانع من ترتب أثر التعليق عليه لزوال الملك، والتعليق إنما يعمل في الملك؛ ولهذا نتردد إذا عاد الملك ووجدت الصفة، هل يعمل التعليق السابق أو لا؟! فيحمل إطلاقهم الرجوع على منع حكم التعليق إطلاق مجازيًّا.
فرع
قد يتوهم الناظر في كلامنا من ترجيحنا طريقة القطع بالفساد أنَّا نقطع ببطلان الطريقتين الأخريين وخروجهما عن كلام الشافعي قطعًا، وليس كذلك، وليس معنى القطع بالطرف المقابل للظن، وإنما معناه نفي الخلاف، وإن كان بدليل أرجح ظنًّا كما هنا بعضهم يرجح القول بالفساد من غير بناء على أنه وصية أو تعليق، وبعضهم يرجح الصحة من غير بناء، وبعضهم يبنيه على القولين؛ لعدم رجحان أحد الأمرين عنده، وليس كل من الطرق الثلاثة إلا وكلام الشافعي محتمل لها، أما القطع بالفساد فظاهر، وأما القطع أو إجراء الخلاف؛ فلأن الشافعي ﵀ جعل الرهن ثلاثة أقسام كما قدمنا. صحيح، ومعلول، وفاسد.
وذكر المدبر في قسم المعلول (١)، فللذاهبين إلى إحدى الطريقتين أن يقولوا: لو كان فاسدًا لذكره في قسم الفاسد، ثم الذاهبون إلى القطع بالصحة يقولون: مراد الشافعي بالصحيح الذي لا علة فيه، ولا يتعرض للفسخ، وهذا متعرض للفسخ إذا لم يَقْضِ الدين، ويحمل على هذا قوله: