للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن توجد قبل محل الدين، ويجوز ألا توجد قولين.

قلت: الذي رأيناه منصوصًا للشافعي: المنع، وقد تقدم حكاية القاضي أبي الطيب أن الجواز مخرج من المدبر، وقد بان أن المدبر لا نص فيه غير المنع، فضعف الأخذ بذلك القول، وتبين أن مذهب الشافعي في المدبر والمعلق عتقه بصفة المنع مطلقًا من غير تفصيل، والأصحاب نظروا في المعلق عتقه إلى معنى أوجب لهم التفصيل، وهو أن المانع خروج الوثيقة بوجود الصفة قبل المحل؛ فلهذا استثنوا الحالّ والمؤجل بأجل يتقدم على الصفة؛ ولم يلحظوا فيه غير ذلك؛ ولعلهم يفرقون بينه وبين المدبر بأن العتق في المدبر آكد؛ ولهذا اختلف في بيعه، وذلك لا يفيد عند القائلين بجواز بيعه وهم الأكثرون. والشافعي لحظ في المدبر والمعلق عتقه معنى آخر، وهو استحقاق العبد للعتق إلا أن يخرجه عن ملكه؛ ولهذا قال في النصوص التي حكيناها للعتق الذي فيه، وكما حكينا عنه في أول هذا الباب من قول الشافعي في بيان الرهن الصحيح، ولم يكن المالك أوجب فيه لغير مالكه من رهن ولا إجارة ولا بيع ولا كتابة ولا جارية أو ولدها أو دبرها، فانظر كيف جعل التدبير حقًّا أوجبه فيه مانعًا من صحة الرهن، ولا شك أن هذا المعنى لا يفترق في الحال والمؤجل، وما قدمناه من نصه يقتضي أن المعلق عتقه أولى من المدبر بعكس ما قدمناه مما لعل الأصحاب يقولونه.

وبالجملة: لو جرد الشافعي النظر إلى الوثيقة؛ كان للأصحاب متعلق، ولكنه نظر أيضًا إلى حق العتاقة فيهما، وهو علة مستقلة، والإمام لمح في المدبر هذا المعنى، وحاول رده، فقال: "كان الشافعي يعتقد أن التدبير على حال عقد عتاقه شرعي، ولا يطابق هذا مذهبه في جواز البيع، وجواز

<<  <  ج: ص:  >  >>