للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي غير ذلك، وذلك أني فكرت في جميع ما تقدم من الأجوبة، فلم أجد فيها شفاءً، فتتبعت كلام الشافعي في "الأم" و"المختصر"؛ لأنظر اصطلاحه، فرأيته حيث أراد حلول الدين يقول: "حلول الحق"، وها هنا قال: "حلول الرهن"، فلاح لي هذا المعنى، وهو معنى صحيح، والتعبير عنه سائغ بهذه العبارة، لا منع منه وكأنه قال: انحلال الرهن، فوضع حلول موضع انحلال، ولعل هذا المصدر مسموع في هذا المعنى، ولا شك في صحة قولك: حل الرهن، بمعنى: بلغ محله وهو غايته وانفكاكه، وبهذا يستمر هذا التعليل، سواء كان الدين حالًا أم مؤجلًا، كما أن الحكم عام في القسمين بمقتضى إطلاق الأصحاب، ولو كان المراد حلول الدين لاختص بالمؤجل. فإن قلت: أنتم جوزتم في المعلق عتقه بصفة أن يرهن بدين حال، وغاية المدبر أن يكون مثله فكيف يمتنع رهنه بالدين الحال؟

قلت: صحة رهن المعلق عتقه بدين حال، أو مؤجل يحل قبل الصفة، إنما رأيناه في كلام الأصحاب، أما الشافعي، فقد حكينا من نصوصه الآن أنه لو رهن عبدًا أعتقه إلى سنة كان مفسوخًا، وإنه في حال المدبر أو أكثر حالًا منه (١)، وهذا النص يقتضي بإطلاقه منع رهنه بالدين الحال، وإن جزم به الأصحاب، ولا ينبغي أن يعدل عن هذا النص إلا بنص آخر أو بدليل ظاهر. وقد سوى الشافعي في هذا النص، وفي مواضع أخرى بينه وبين المدبر، بل أشار إلى أنه أكثر منه؛ يعني: لأنه لا يجوز فيه الرجوع قطعًا، وإن جاز في المدبر على قول، وبهذا يتأيد الوجه الذي حكيناه عن حكاية أبي علي الطبري في منع رهنه بما يحل قبل الصفة، وإن قال: إنه ضعيف.

فإن قلت: أليس قد حكى المصنف وغيره في المعلق عتقه بصفة. يجوز


(١) الأم (٣/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>