للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجوع عن التدبير على الأصح، والمدبر على الحقيقة عندنا عبد قن، فإذا مات المدبر، جعلنا عتقه محسوبًا من محل الوصايا" (١). انتهى.

ونحن نقول: بل يطابق مذهبه، فإن التدبير ليس عتقًا منجزًا حتى يمنع البيع، بل عقد عتاقة بصفة لا يتمكن من قطعها إلا بالبيع، أو بصريح القول واحتسابه من الثلث؛ لأننا في ذلك، وإنما ذاك لكونه تبرعًا بعد الموت، والمعلق عتقه بصفةٍ أكمل في هذا المعنى، فإنه عقد لازم لا يتمكن من الرجوع فيه بالقول، ومقتضاه أنه متى وُجِدت الصفة وهو في ملكه عتق، ولا مقتضى له غير هذا، فجوزنا البيع؛ لأنه لا يمنعه التعليق على ما بينا، ولم يجوّز الرهن لمنعه مما اقتضاه التعليق من العتق، ولو لم نجد الشافعي سَوَّى بين المدبر والمعلق، وقال: إن المعلق أكثر، لكان يمكننا أن نعتذر عن الأصحاب بأن التدبير عقد قربة، فلا يتمكن من إبطاله بالرهن والتعليق ليس بقربة، فإذا كان الدين حالًّا، فلا منع، لكن كلام الشافعي يأباه، وكون التدبير قربة اتفق عليه الأصحاب، وإن كان الرافعي قال في كتاب الصداق: إن الوصية ليست بقربة، والتعليق ليس بقربة (٢)، وللنظر في هذين الكلامين موضع غير هذا لا نطوّل به هنا، وسواء كان التعليق قربة أم لم يكن، فهو عقد لازم.

فإن قلت: المدبر قد يموت سيده فجأة قبل التمكن من بيعه، وإن كان الدين حالًّا؛ فلذلك امتنع بخلاف المعلق عتقه بصفةٍ.

قلت: الصفة أيضًا قد تقع فجأة، بل قد تكون الصفة موت زيد، ويحصل فجأة، فأي فرق بين موته وموت غيره؛ ولذلك إن ابن أبي عصرون لما


(١) نهاية المطلب (٦/ ١٥٠).
(٢) فتح العزيز (٨/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>