للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديهما، فادعى كل واحد منهما أن جميعها له، فالنص أن كل واحد منهما يحلف على مجرد نفي استحقاق صاحبه ما في يده، ولو حلف أحدهما ونكل الآخر، فالحالف يحلف يمينًا أخرى الإثبات، وللأصحاب فيها طريقان أصحهما على ما ذكر الرافعي.

وقال صاحب "التهذيب": إنها المذهب تقرير النصين، والفرق أن في مسألة الدار كل منهما يده على نصفها، فهو يبقي حق صاحبه فيما في يده، وتحقق أن ما في يد صاحبه له، فمنفيّ كل منهما ممتاز عن مثبته، فلا معنى ليمينه على الإثبات قبل نكول صاحبه، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنهما اتفقا على الملك للمشتري، وإنما اختلفا في صفة العقد، فمنفيّ كل منهما في ضمن مثبته، وليس هنا سبب يثبت به يد أحدهما حتى لا يجوز لصاحبه أن يحلف قبل نكوله، فإذا جمع البائع بين النفي والإثبات لم يكن فيه تحليف المدعى عليه على ما في يد المدعى عليه قبل نكوله، فجاز الجمع، وأصحاب هذه الطريقة قاطعون بالاقتصار في التحالف على يمين واحدة، وهي مخالفة لما أورده المصنف من آخر الوجهين، وما ذكرناه من أن: القول بتعدد اليمين يخرج من مسألة الدار، هو الذي ذكره الأصحاب على طبقاتهم، ورأيت ابن داود في "شرح المختصر" في قول الشافعي: "وأيهما نكل عن اليمين وحلف صاحبه حكم له" (١).

قال: هذا دليل أحد الوجهين، وهو أن المُبادئ منهما يحلف على نفي دعوى صاحبه حتى إذا نكل صاحبه حلف مرة أخرى على إثبات دعواه.

وقال: إن صاحب الوجه الآخر يقول: صورة المسألة أن البادئ نكل؛ فلهذا قال: يحلف صاحبه، وهذا الكلام من ابن داود لا منافاة فيه؛ لكون صاحب ذلك الوجه خرجه من مسألة الدار، لكن يجب النظر في كلام


(١) مختصر المزني (٨/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>