للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختصر، وقد تأملته فوجدته لا دلالة فيه لذلك؛ لأن معناه: إن (١) نكل عن اليمين، وحلف صاحبه حُكِم للحالف، وذلك يصح سواء أكانت اليمين واحدة، ونكل عنها الأول، فإنه يحلف الثاني ويقضى له، أم كانت اليمين متعددة، بل دلالته على اتحاد اليمين أولى من جهة: أنه إذا كانت اليمين متعددة ونكل أحدهما وحلف صاحبه على يمين النفي فقط، لا يقضى له حتى يحلف يمين الإثبات، وكلام الشافعي يقتضي أنه يحكم للحالف إذا نكل صاحبه مطلقًا، فمتى عددنا اليمين احتجنا إلى إخراج هذه الصورة من كلام الشافعي، ومتى حكمنا باتحادها لم يحتج إلى تأويل فكان أولى، فلا جرم قطعوا بأنه ليس في نص الشافعي إلَّا يمين واحدة.

والطريقة الثانية: وهي التي جرى المصنف عليها تخريج قول من مسألة الدار إلى مسألة المتبايعين ووجه الجري على قياس الخصومات، فإن يمين الإثبات لا يبدأ بها في غير القسامة، وانقسم أصحاب هذه الطريقة، ففريق يقولون: إنه لا خلاف في مسألة الدار في تعدد اليمين، وليس هذا مما ينقل فيه الجواب من كل جانب إلى الجانب الآخر حتى يفرض جريان القولين في الجانبين؛ نقلًا وتخريجًا، وإنما التخريج [من مسألة الدار] (٢) إلى مسألة المتبايعين فقط، ولا ينعكس كذلك.

قال الشيخ أبو حامد، والمحاملي (٣)، والإمام (٤) في هذا الباب: قال


(١) في المخطوطة: "إنهما": ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) مكرر في المخطوطة.
(٣) هو: أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم الضبي، أبو الحسن ابن المحاملي، بغدادي المولد والوفاة، درس الفقه على الشيخ أبي حامد الإسفراييني وكان غاية في الذكاء والفهم وبرع في المذهب الشافعي، له تصانيف، منها: "تحرير الأدلة"، "المجموع"، "لباب الفقه"، "المقنع" (ت: ٤١٥ هـ -١٠٢٤ م). انظر: "الأعلام" للزركلي (١/ ٢١١)، "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة (١/ ١٧٤).
(٤) نهاية المطلب (١٩/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>