يقال: إنها إنما تجب بعد الرجوع، أما قبله، فالحال آيل إلى استحقاق المسمى، ويحتمل أن يقال: إنه استحق ألا يبطل عمله مجانًا، بل يستحق بدله؛ إما من المسمى بقسطه وإما أجرة مثله، وعلى كلا الاحتمالين في صحة الرهن بعد، أما على الأول، فلأنه لم يستحق، وأما على الثاني، فلأن المستحق لم يتعين، ثم هذا في القدر المقابل لما مضى من العمل.
أما جميع مال الجعالة، فلا موجب لجواز الرهن عليه على الوجهين على مقتضى هذا البناء الذي ذكره الرافعي، وقد أطلق الكلام إطلاقًا، وأما على جعل المأخذ الإلحاق بما جرى سبب وجوبه ولم يجد، الخلاف في جميع الجعل، لكنه قبل الشروع أولى بالمنع لعدوم اللزوم، وبعده أولى بالجواز، لوجوب شيء في الجملة على الأصح.
وإن قلنا: لا يجب شيء فهو كما قبله، والمصنف كأنه لم ينظر إلى شيء من المأخذين، وجعله خلافًا مستقلًّا لما رآه مترددًا بين دين الكتابة؛ لكونه ليس في أصل وضعه على اللزوم، والثمن في مدة الخيار؛ لكونه يؤول إلى اللزوم، فجرى الوجهان للشبهين.
وقال النووي في "شرح الوسيط": قال الرافعي: موضع الوجهين ما بعد الشروع في العمل وقبل تمامه، وذكره أيضًا صاحب "التهذيب"، ولكن ظاهر كلام الأصحاب: أن المراد قبل الشروع، لا سيما تعليل الغزالي في "الوسيط"، فإنه مصرح بذلك، وبأن الشروع في العمل سبب لثبوت، فيصير كالثمن في زمن الخيار. انتهى.
وقول المصنف:"لا يلزم الضمير فيه" يعود على العقد، أي: عقد الجعالة لا يلزم، فأشبه عقد الوكالة، ولا يجوز عوده على المال؛ لأنه يلزم بتمام العمل، وقد صرح هو بأنه يؤول إلى اللزوم، فكان يتناقض، فالوجه