للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قال: "مَن جاء بعبدي الآبق فله دينار، فقال له رجل: أعطني به رهنًا وأنا آتيك به".

وكلام الإمام يشير إلى ذلك (١)، وعلى هذا يحسن تخريجه على ما جرى سبب وجوبه ولم يجب، ويكون أولى بالمنع لما قلناه من الجواز وعدم اللزوم، وأما القاضي حسين، والبغوي، والرافعي، فإنهم جعلوا الوجهين بعد الشروع في العمل، أما قبله فلا يجوز؛ لأنه لا ثبوت للجعل قبل الشروع بحال (٢).

قال الرافعي: "وكيف يتخيل ذلك وليس هو مستحقًّا معينًا" (٣)، ومن ذلك تنتظم ثلاثة أوجه؛ ثالثها: الفرق بين أن يكون قبل الشروع في العمل وبعده، والأصح المنع مطلقًا. والوجهان قبل الشروع مأخذهما ما قلناه، وأما بعد الشروع، فقال الرافعي: "إن لنا أن نبينهما على الوجهين في جواز رجوع المالك بعد الشروع في العمل، ونقول: إن لم نجوز الرجوع، فقد لزم الجعل من قبله فيصح الرهن به، وإن جوزنا لم يصح الرهن به" (٤). انتهى.

والوجهان في جواز الرجوع راجعان إلى أن العامل هل يستحق أجرة المثل لما عمل؛ أو لأن على مقتضى البناء ينبغي أن يكون الأصح جواز الرهن، وليس كذلك، وأيضًا فجواز الرجوع لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في حكمه، قيل: لا يستحق شيئًا، فعلى هذا لا يصح الرهن.

وقيل: يستحق بقسطه من المسمى، وعلى هذا يتجه تصحيح الرهن.

وقيل: يستحق أجرة مثل ما عمل، وهو الذي صححوه، وعلى هذا قد


(١) نهاية المطلب (٦/ ٧٣).
(٢) انظر: المهمات في شرح روضة الطالبين والرافعي (٥/ ٣٣٢).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٦٠) بمعناه.
(٤) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>