الأول ناظر إلى العقد، والثاني ناظر إلى المال، ويرجح المنع هنا بخلاف الثمن؛ لأن الثمن ومقابله صائران إلى اللزوم، وهنا العمل المقابل للمال لا يلزم بحال، وإنما إذا تم لزم المال، فكان لزومه بالعرض ليس كلزوم الثمن، وعلى مساق كلام الرافعي ينبغي أن يقال: إن جوزنا الرجوع لم يصح الرهن، وإن لم يجوز، فوجهان؛ كالثمن إذا كان الخيار لأحدهما ولم يفرق أحد في الثمن بين أن يكون الخيار لهما أو لأحدهما، بل أجروا الخلاف، فكذا هنا إذا لزم من جهة المالك دون العامل.
فرع
سواء جعلنا الرهن بعد الشروع في العمل أم قبله، فالظاهر أنه لابد أن يكون المرتهن معينًا كما قدمناه من كلام الأصحاب في تصويره.
وقال إسماعيل الحضرمي: قال ابن الصباغ: إذا قال: مَنْ رد عبدي، فله دينار فرده، جاز الرهن به، وهل يجوز قبله؟ وجهان.
قال إسماعيل: ظاهر هذا أنه يجوز الرهن وإن لم يكن المجعول له معينًا، فإن صحت إرادتهم لهذا، فكأنهم يجوزون أن يقول له شخص: أنا أرده فارهني، أو كأنهم يجوزون في هذه الصورة من غير معين، ويسقطون القبول في الرهن تبعًا لمال الجعالة، فيصح على هذا أن يقول: مَن رد عبدي فله دينار، وعبدي الفلاني رهن معه بالدينار، ويكون فعله للرد قبولًا لمال الجعالة والرهن، قال: وفي هذا بُعد، وهو في المعين ظاهر، وهو أن يقول: إن رددت عبدي فلك كذا، ثم رهنه وكل هذا لا أعرف له أصلًا من كلامهم. انتهى.
والظاهر أن المرتهن لابد أن يكون معينًا، سواء جعل له بعينه أو مطلقًا كما صوره الأصحاب، ثم رهن مع معين.