للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورة، وحصل بذلك ضياع أموال الأيتام. ثم إن الأصحاب حيث جوزوا الإقراض للحاجة، صرحوا بأن محله إذا لم يمكن أن يشتري به عقارًا أو يتجر فيه، ومتى أمكن ذلك، فلا حاجة إلى الإقراض فلا يجوز، فَمَنْ أقرض في هذا الزمان إمكان ذلك أو عدم الضرورة، كان خائنًا ضامنًا، وإنما يجوز الإقراض إذا لم يمكن شراء عقار ولا متحريًا مَنْ فيه وعرض نهب، أو حريق، أو سفر يخاف عليه فيه، وكان المستقرض مليئًا ثقة، فعند اجتماع هذه الشروط يجوز، ولا فرق في ذلك بين القاضي والأب وغيرهما، وإذا جاز القرض بهذه الشروط، فإن رأى المصلحة في أخذ الرهن به أخذه، وإلا أقرض بغير رهن، كذا قال المتولي، والبغوي (١)، والرافعي (٢)، وحكاه الماوردي عن بعض الأصحاب، وقال: إنه غير صحيح، وأن الرهن شرط. ولنا وجه: أنه لا يجوز القرض في حال النهب والحريق، وإنما يجوز لإرادة السفر، وهو ظاهر كلام "التنبيه" (٣)، لكن الصحيح خلافه، ومحل هذا الفرع كتاب الحجر، ولكنا قدمناه لنص الشافعي هنا وتعجيلاً لهذه الفائدة. وقد زاد ابن الرفعة فقال: إذا جاز له ذلك، جاز له تأخير استيفاء دين الطفل عند مَنْ يجوز إقراضه له، ويأخذ عليه رهنًا مع إمكان الاستيفاء، وجعل هذه الحالة مستثناة من قول الغزالي: "أن ارتهانه يجوز عند العجز عن استيفاء الدين، ولا يجوز مع القدرة" (٤)، ولا شك أن الذي قاله ابن الرفعة لازم لجواز الإقراض، فهو فرع عن أصل فاسد.

والصواب: أن كلام الغزالي على إطلاقه؛ ولهذا إن الأصحاب يقولون:


(١) التهذيب (٤/ ٢١).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٤٦٩).
(٣) (١٠/ ١٦).
(٤) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>